يعدّ حسّ المبادرة من أهمّ المهارات التي تخدمك جيّدًا، سواءً على الصعيد الشخصي أو الوظيفي، فإن كنت تنتظر على الدوام أن يخبرك أحدهم بما يتوجّب عليك فعله، فعلى الأرجح سيطول انتظارك.
تعرّف معنا من خلال مقال اليوم، على مفهوم “حسّ المبادرة”، واطّلع على أهم الطرق التي تساعدك على تنمية هذا الحسّ سواءً في جامعتك أو وظيفتك أو حتى في منزلك مع عائلتك.
ما هو حسّ المبادرة؟
يُقصد بحسّ المبادرة، القدرة على رؤية الأمور التي تحتاج إلى إصلاح أو تطوير، واتخاذ القرار بفعل ذلك دون انتظار إذن أو أمر من أحد. إنّها القدرة على السير خطوة إضافية، وبذل جهد إضافي للقيام بالأعمال الخارجة عن دائرة مهامّك الاعتيادية.
ما مدى أهمية حسّ المبادرة؟
تتمثّل أهمية حسّ المبادرة في كونها أكبر محرّك للتغيير والتطوير والتحسين في الشركات والمؤسسات الكبرى، وهي إحدى أهمّ مواصفات القائد الناجح، ليس هذا وحسب، إذ يمكننا تلخيص أهميتها في النقاط التالية:
- هي من أكثر المهارات التي تجعلك مرغوبًا ومطلوبًا في مختلف الوظائف والفرص، لأنها تظهر مدى قدرتك على العمل بشكل مستقلّ، ورغبتك في النمو والتطور المستمرّ على كافة الأصعدة.
- يعزّز حسّ المبادرة مهارات الفرد التحليلية وقدراته على اتخاذ القرارات نتيجة لتعرّضه إلى العديد من المواقف التي يضطرّ إلى تحليل سلبيات وإيجابيات قضيّة أو مشكلة معيّنة ومن ثمّ اتخاذ القرار المناسب بشأنها.
- عندما تمتلك حسّ المبادرة، ستصبح أكثر عرضة للفرص المختلفة في كافة مناحي الحياة الشخصية أو العملية، وبالتالي أكثر قدرة على اقتناصها والاستفادة منها.
- حينما تكون شخصًا مبادرًا، ستعزّز قيمتك الشخصية، وستصبح في غالب الأحيان قدوة للآخرين.
- يفتح أمامك حسّ المبادرة آفاقًا جديدة ويعلّمك أساليب جديدة للقيام بالمهام المختلفة، الأمر الذي يكسبك خبرة ثمينة لا تقدّر بثمن، ولا يمكن لأولئك الذين يفتقرون لهذه المهارة اكتسابها إلاّ بعد وقت وجهد طويلين.
كيف تنمّي حسّ المبادرة؟
إن كنت راغبًا في تحقيق المزيد من النجاح والإنجاز في حياتك، وإن كنت تطمح للحصول على أدوار قيادية، فالخطوة الأولى تتمثّل في تعزيز حسّ المبادرة لديك. ليس عليك القيام بإنجازات عظيمة، إذ يمكنك البدء بخطوات بسيطة في عملك وحياتك اليومية تساعدك مع مرور الوقت لتكون شخصًا مبادرًا، وتفتح لك آفاقًا جديدة لم تكن تخطر لك.
فيما يلي 9 طرق سهلة تضعك على الدرب الصحيح لتعزيز روح المبادرة لديك:
1- ابحث عن مسؤوليات إضافية
وحتى تفعل ذلك، اتبع الخطوات التالية:
- ابدأ بإنجاز المهام الموكلة إليك على أكمل وجه، وأتقن عملك كلّ الإتقان، ثمّ حدّد الجوانب التي يمكنك المساهمة فيها والخارجة عن نطاق مسؤولياتك.
- ضع قائمة بهذه المهام الإضافية واعرضها على مديرك في العمل، وناقش معه إمكانية القيام بها مع التأكيد على أنّ ذلك لن يؤثر على واجباتك الأساسية.
- ابدأ بتنفيذ مهام صغيرة إضافية، وواظب عليها حتى تتقنها تمامًا وتبرع فيها. ستجد أنّك بعد بعض الوقت قد أصبحت أسرع وأكثر كفاءة، وقد تتمكّن من إضافة مهام أخرى أيضًا.
مع مرور الوقت وتكرار هذه العملية، ستتفاجأ مدى ارتفاع إنتاجيتك، وقيمتك بين زملائك ولدى المسؤولين عنك في العمل، وقد تحصل على ترقية أو علاوة على ذلك!
2- شارك معارفك مع الآخرين
إحدى أبسط الطرق التي تظهر بها روح المبادرة لديك وتنمّيها، هي من خلال تعزيز قدرتك على التعلّم. تعلّم سريعًا، وشارك ما تتعلّمه مع الآخرين. يمكنك مثلاً:
مشاركة ما تعلّمته خلال ورشة عمل أو دورة تدريبية مع زملائك وأصدقائك ممّن يشاركونك نفس الاهتمامات.
- تحضير ملخّصات وقراءات للمواد الدراسية في جامعتك أو مدرستك دون أن يُطلب منك ذلك.
- وضع أدلّة استخدام وطرق الوصول إلى مكان ما أو حلّ مشكلة ما في شركتك أو مكان عملك.
- مساعدة الموظفين الجدد في مكان عملك على التعرّف على المؤسسة وثقافتها ومختلف أقسامها.
- إعطاء محاضرات وورشات تدريبية للموظفين أو الطلاب في مجال تخصصك الذي تبرع فيه.
3- قدّم تحديثات منتظمة حول عملك
سواءً كنت طالبًا جامعيًا أو موظفًا في شركة، أو ريادي أعمال لديك شركتك الخاصّة، احرص على الدوام أن تقدّم تحديثًا منتظمًا لمهامّك، يمكنك القيام بالآتي:
- أعلم رئيسك في العمل وزملائك بنسبة التقدّم الذي أحرزته في العمل على مهمّة ما خلال الأسبوع، أو الشهر.
- وضّح لرئيسك في العمل أولوياتك، وخطّتك لتنفيذها، كما يمكنك تطبيق الأمر ذاته في حياتك الشخصية مع عائلتك.
- عند تقسيم المهام على مجموعة من الأشخاص، أبقِ زملائك في المجموعة على اطلاّع بالتقدم الذي أحرزته، لاسيّما إن كانت مهام الآخرين تعتمد على مهمّتك.
4- أنجز المهام التي يتجنّبها الآخرون
في كلّ شركة أو قسم هناك بعض المهام التي لا يرغب أحد في إنجازها، وهي في الغالب تلك المهام ذات الأولوية المنخفضة، التي يستمرّ الأفراد في تأجيلها إلاّ أن تصبح فجأة في أعلى قائمة الأولويات بعد أن تتراكم وتكبر. ومن أمثلتها:
- ترتيب الملفات الورقية أو الإلكترونية.
- مسح التقارير ضوئيًا أو التخلّص من التقارير الورقية الإضافية.
- أرشفة الملفات القديمة.
- ترتيب البيانات ودمج المعلومات والملفات المكرّرة أو حذفها والتخلّص منها.
- تنظيف الثلاجة أو المايكرويف أو خزانة المطبخ في المنزل أو العمل.
- ترتيب المكتب الشخصي أو المخزن في الشركة أو في البيت.
حينما تجد نفسك متفرّغًا، وتمتلك بعض الوقت، بادر بتنفيذ إحدى هذه المهام بهدوء، ستتفاجأ في غالب الأحيان بالتقدير والامتنان الذي ستلقاه في المقابل.
5- التدخّل في حال غياب أحد الزملاء أو انشغاله
لا تتردّد في عرض المساعدة على إتمام المهام الموكلة إلى أحد زملائك الذي تغيّبوا عن العمل، أو المنشغلين بالعمل على مهام ذات أولوية أعلى. كما أنّ تقديم يد العون لإنجاز المهام الطارئة يعدّ من أفضل الطرق التي تنمّي حسّ المبادرة لديك وتكسبك مهارات العمل تحت الضغط، وهي مهارة كثيرًا ما يركّز عليها أرباب العمل.
6- عالج خلافاتك الشخصية بنفسك
على الرغم من سعي الجميع لتحقيق التآلف والانسجام مع الزملاء في العمل، تبقى الخلافات أمرًا لابدّ منه في كلّ الشركات والمؤسسات صغيرة كانت أو كبيرة، حيث تؤثر هذه المشكلات سلبًا على الجميع، فتدمّر العلاقات وتقلّل الإنتاجية. ويظهر أثر هذه الخلافات بعدّة أشكال مثل:
- ارتفاع أجواء التوتر في العمل.
- انتشار الطاقة السلبية في مكان العمل.
- طعن الآخر في ظهرهم وخيانتهم.
- المشاجرات والتقليل من قيمة الآخرين.
- الغيبة والنميمة.
حينما يحدث بينك وبين أحدهم سوء تفاهم، كن أنت المبادر في حلّ هذا الخلاف ومعالجته بأسرع وقت ممكن. قد تكون أنت المخطئ في بعض الأحيان، وربما تكون المظلوم أيضًا، لكن في كلتا الحالتين، بادر بمعالجة الخلاف مع الطرف الآخر بشكل خاصّ. اعتذر عن خطئك، وسامح من أخطأ بحقّك وامضِ إلى الأمام، فهذه الخلافات ما هي إلاّ عقبات تقف في طريق نجاحك وتطوّرك في الحياة.
7- تطوّع لإتمام المهامّ القيادية
طريقة أخرى تتيح لك إظهار حسّ المبادرة، وهي التطوّع لأداء المهام القيادية سواءً في العمل، أو في الحياة الشخصية، ومن أمثلتها:
- تنظيم الفعاليات والأحداث المتعلّقة بالعمل.
- إدارة الاجتماعات والتحضير لها.
- قيادة جلسات التخطيط، والعمل مع الأقسام المختلفة.
- تنظيم عملية التحضير للنشاطات الترفيهية لموظفي الشركة أو لمجموعة من الأصدقاء أو العائلة.
المبادرة بالقيام بهذه الأمور سيسهم بشكل كبير في تطوير مختلف مهاراتك القيادية مثل التحدّث أمام الجمهور، مهارات التواصل، مهارات التفاوض، مهارات اتخاذ القرار، ومهارات بناء الفريق وتحفيزه وإدارته. كما تساعدك أيضًا على تقييم جوانب الضعف في شخصيتك والعمل بعد ذلك لتحسينها.
8- شارك في عمليّة العصف الذهني
لا تتردّد في أن تكون المبادر بمشاركة أفكارك لتطوير مشروع أو فكرة ما، أو للخروج بأفكار جديدة تخدم شركتك أو حياتك بشكل عام.
جلسات العصف الذهني هي إحدى أفضل الطرق التي تنمّي لديك حسّ المبادرة، ابدأ باقتراح أكبر عدد ممكن من الأفكار، ثم ساعد بقية المجموعة بتقليص هذا العدد من خلال تحديد إيجابيات وسلبيات كلّ فكرة، وربط الأفكار مع بعضها البعض للوصول إلى الحلّ الأمثل للمشكلة أو القضية المطروحة للنقاش.
وحتى تطوّر قدراتك في العصف الذهني، اتبع الخطوات التالية:
- حضّر نفسك قبل جلسة العصف الذهني من خلال إجراء بحث سريع حول الموضوع المطروح.
- اطرح أسئلة مثل: ما الذي نسعى لتحقيقه؟ كيف يمكننا جعل هذه الفكرة المقترحة أفضل؟ ما الذي نجهله تجاه هذه القضية؟ هل هناك طريقة أفضل للقيام بهذا الأمر؟
9- فكّر كأنك صاحب الشركة ولست مجرّد موظف فيها
لابدّ أنّك لاحظت بأن أكثر الأشخاص امتلاكًا لحسّ المبادرة هم أصحاب الشركة أو المؤسسة التي تعمل فيها. ذلك أنّهم يهتمّون بنجاح شركتهم وتطويرها وتحسينها. لذا، تبنّى هذا التفكير في عملك. حتى لو كنت موظف عادي، تعامل مع وظيفتك ومهامك ومكتبك وكلّ شيء حولك وكأنك مدير صاحب الشركة.
لا يعني ذلك أن تبدأ بإلقاء الأوامر والترفّع على زملائك، وإنّما أن تبادر بتحسين كلّ شيء من حولك والتفكير في كلّ نجاح لشركتك على أنّه نجاحك أنت شخصيًا.
التفكير على هذا النحو سيجعلك أكثر وفاءً وإخلاصًا في عملك، بل وأكثر حرصًا على إنجاز المهام بإتقان أكبر، ممّا سيعود بنتائج مرضية لك سواءً على الصعيد المعنوي أو المادّي.
لا تنتظر أن يطلب منك أحدهم القيام بمهمّة ما، بل خذ زمام المبادرة وانجز المهام من تلقاء نفسك، ابدأ بخطوات بسيطة ولا تستخفّ بها مهما كانت، فمع التمرين والممارسة ستطوّر هذه المهارة تدريجيًا ويرتفع حسّ المبادرة لديك لتحقق أهدافًا أكبر وأعظم.
المصدر: thriveyard
اقرأ أيضًا: كيف أحقق الاتزان العاطفي؟
اقرأ أيضًا: ما هي مهارات الخطابة وكيف أتعلمها؟