تندرج مراجعة القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية بعد مرور أكثر من عشرين سنة من صدوره في إطار تحديث المنظومة القانونية الوطنية”، والذي يعتبر من أهم محاور تحقيق المشروع الشامل والعميق لإصلاح منظومة العدالة ببلادنا الذي ما فتئ جلالة الملك أعزه الله ونصره يدعو إليه في عدة مناسبات، ومن بينها ما ورد في خطابه السامي يوم 20 غشت 2009 بمناسبة الذكرى السادسة والخمسين لثورة الملك والشعب
مقتطف من قانون المسطرة الجنائية بعد التحديث
مهما كانت وجاهة الأهداف الاستراتيجية التي يمتد إنجازها على المدى البعيد، فلا ينبغي أن تحجب عنا حاجة المواطنين الملحة في أن يلمسوا عن قرب، وفي الأمد المنظور، الأثر الإيجابي المنشود للإصلاح. لذا، نوجه الحكومة، وخاصة وزارة العدل للشروع في تفعيله في ست مجالات ذات أسبقية.
ثانيا: تحديث المنظومة القانونية ولاسيما ما يتعلق منها بمجال الأعمال والاستثمار، وضمان شروط المحاكمة العادلة. وهو ما يتطلب نهج سياسة جنائية جديدة، تقوم على مراجعة وملاءمة القانون والمسطرة الجنائية ومواكبتها للتطورات، بإحداث مرصد وطني للإجرام، وذلك في تناسق مع مواصلة تأهيل المؤسسات الإصلاحية والسجنية.
وبموازاة ذلك، يتعين تطوير الطرق القضائية البديلة، كالوساطة والتحكيم والصلح، والأخذ بالعقوبات البديلة، وإعادة النظر في قضاء القرب.
ملاحظة: إذا وجدت هذا المقال في موقع آخر لا يحمل إسم (وظائف حمزة) فهذا يعني أن المقال مسروق، رجاءا اذهب لخانة البحث google واكتب بالعربية (وظائف حمزة) وادخل أول موقع ستجد العديد من المواضع مخصصة لما تبحث عنه مع كامل الشكر.
وتزداد أهمية هذه المراجعة التشريعية في إطار ما شهدته بلادنا في الآونة الأخيرة من مستجدات حقوقية هامة تمثلت بالأساس في صدور دستور جديد للمملكة سنة 2011 أفرد ضمن مضامينه حيزا هاما المجموعة من الحقوق والحريات ووضع آليات لحمايتها وضمان ممارستها، وكذا ما أقرته ديباجة الدستور من التزام المملكة المغربية بتعهداتها الدولية واحترامها للاتفاقيات التي أبرمتها وإعطائها الأولوية في التطبيق وهو ما أصبح يتطلب ملاءمة المنظومة القانونية الوطنية مع المواثيق الدولية وتوصيات وملاحظات هيئات منظمة الأمم المتحدة ذات الصلة بمجال حقوق الإنسان وشروط المحاكمة العادلة من جهة، وبمكافحة وردع الجريمة والوقاية منها من جهة ثانية.
رابط تحميل مشروع قانون المسطرة الجنائية بعد التحديث PDF
كما أن الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة الذي جرى طيلة سنة كاملة انطلاقا من ثامن ماي 2012 حينما نصب جلالة الملك الهيأة العليا للحوار، خلص إلى تقديم عدة توصيات يتطلب تنفيذها إدراج مقتضيات تشريعية جديدة على مستوى قانون المسطرة الجنائية أو تغيير أو تتميم بعض المقتضيات من هذا القانون.
وبالموازاة مع ذلك، فقد أثار التقرير العام حول النموذج التنموي الجديد الذي وضع بين يدي جلالة الملك محمد السادس نصره الله في ماي 2021 مجموعة من المواضيع المرتبطة بمجال تدخل السياسة الجنائية تروم في عموميتها السعي نحو توطيد عدالة ناجعة وتعزيز مجال حماية الحقوق والحريات وكذا سن قوانين واضحة لا يكتنفها أي غموض.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الممارسة العملية أفرزت عن وجود بعض الثغرات ومكامن النقص أو الفراغ في نصوص قانون المسطرة الجنائية. تتطلب ردا تشريعيا لإصلاحها أو تلافي عيوبها.
إن قانون المسطرة الجنائية أصبح مطالبا بتوفير أجوبة للتحديات التي يفرزها التطور المذهل الأساليب الجريمة واستخدامها لمنتوجات تكنولوجيا المعلوميات والصناعات الحديثة، وهو ما يتطلب توفير ردود إجرائية من نفس النوع بالنسبة لآليات البحث والتحري الجنائي في ظل احترام تام لمبادئ المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان وفق ما هي متعارف عليها دوليا.
ولذلك، فإن مراجعة قانون المسطرة الجنائية التي تعتمد تحقيق التوازن الصعب بين شراسة الجريمة وتهديدها لأمن الإنسان وسلامة المواطن في بدنه وممتلكاته من جهة، وبين حماية الحقوق الأساسية للأفراد كما أقرتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ودستور المملكة من جهة ثانية، استندت إلى مرجعيات أساسية تعتبر ثوابت في السياسة الجنائية للمملكة المغربية، وفي مقدمتها:
دستور المملكة لسنة 2011، الذي كرس مجموعة من الحقوق والواجبات المرتبطة بحقوق الإنسان وسلامة الوطن والمواطن وحماية الملكية وحرمة الحياة الخاصة والأمن العام؛
الخطب الملكية السامية لجلالة الملك نصره الله والتي حددت الفلسفة والمعالم الكبرى لإصلاح منظومة العدالة ببلادنا، خاصة ما يرتبط بالتوجهات الكبرى للسياسة الجنائية في مجالات تعزيز شروط المحاكمة العادلة وتوسيع دائرة العدالة التصالحية وملاءمة الإجراءات الجنائية؛
توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة بشأن المحاكمة العادلة ومكافحة الجريمة؛
توصيات المناظرة الوطنية حول السياسة الجنائية التي انعقدت بمكناس سنة 2004 بمشاركة جل الفاعلين الوطنيين والدوليين في منظومة العدالة الجنائية.
توصيات الميثاق الوطني حول إصلاح منظومة العدالة والتي كانت نتاج نقاش حوار وطني عميق شامل وصريح حول قضايا جوهرية تهم العدالة وأمن المجتمع، إذ تم تنزيل العديد من التوصيات التي جاء بها الميثاق ضمن هذه المراجعة التشريعية.
اقتراحات وتوصيات النموذج التنموي الجديد الرامية إلى إقرار عدالة تكون حامية للحقوق ومصدر أمان.
الوثائق المرجعية والمذكرات التوجيهية التي تندرج ضمن مجال تعزيز الحقوق والحريات أو في إطار توجهات العدالة الجنائية؛
توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهيئات المجتمع المدني المرتبطة بمجال حماية حقوق الإنسان والحريات والنهوض بها ؛
ملاءمة القانون الوطني مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان وتوصيات وملاحظات اللجان والهيئات الأممية المعنية في مواضيع مختلفة؛
ملاءمة القانون الوطني مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمكافحة الجريمة خاصة اتفاقية باليرمو لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكولات الملحقة بها واتفاقية ميريدا لمكافحة الفساد واتفاقية فيينا لمكافحة المخدرات واتفاقية بودابيست حول الجرائم المعلوماتية وغيرها ؛
مواكبة التطور الذي تعرفه الجريمة وما يستلزمه ذلك من استحداث آليات قانونية جديدة لمواجهتها؛ وبالإضافة إلى هذه المرجعيات الأساسية، فإن المشروع ارتكز كذلك على عناصر أخرى، ويتعلق الأمر :
بقرارات المحكمة الدستورية ذات الصلة باستقلال السلطة القضائية والتنظيم القضائي للمملكة وبعض الإجراءات الجنائية؛
بالاجتهاد القضائي للمحاكم بشأن بعض الثغرات والنواقص التي تعتري القانون الحالي؛ بالقانون المقارن، استهدافا للتكامل مع المنظومة القانونية الدولية في المادة الجنائية ومواكبة التطورات التي تعرفها أنظمة العدالة الجنائية المقارنة.
وقد روعي في مراجعة قانون المسطرة الجنائية تحقيق الموازنة بين وقاية المجتمع من الجريمة وحماية أمنه واستقراره من جهة، وحماية حقوق وحريات الأشخاص من جهة ثانية، وهي معادلة بقدر ما تقتضي تحقيق الضمانات الأساسية للأطراف في مختلف وضعياتهم سواء كانوا مشتبه فيهم أو متهمين أو محكوم عليهم أو ضحايا بما يتوافق مع المفهوم الكوني لحقوق الإنسان، فإنها يجب في نفس الوقت أن لا تخل بضرورة حماية المجتمع من الجريمة وتوفر الآليات العدالة الجنائية الوسائل والظروف المناسبة للتحري والبحث عن الجرائم وضبط مرتكبيها ومحاكمتهم ومعاقبتهم بكيفية توفر النجاعة اللازمة، مع ما يقتضيه ذلك من غل يد آليات البحث الجنائي في التصرف في الحقوق والمس بالحريات إلا في إطار حالات الضرورة القصوى التي تقتضيها سلامة الأفراد والمؤسسات حينما تكون الجريمة خطيرة أو تكون شبهة إثباتها قوية كحالات التلبس بالجريمة وذلك في احترام تام لمبادئ الشرعية والتناسب والضرورة كأهم مقومات الصناعة التشريعية في المجال الجنائي.
وقد كانت المراجعة شاملة لقانون المسطرة الجنائية في معظم مواده، إذ مست ما يزيد عن 420 مادة تغيير وتتميم 286 مادة، إضافة 106 مادة، نسخ وتعويض 27 مادة نسخ 5 مواد)، تضمنت مجموعة من المستجدات الهامة، يمكن إجمالها في المحاور الآتية: