يعيش العالم في يومنا هذا حالة من الفوضى والتوتر بسبب انتشار فيروس كورونا المستجدّ، وفي مثل هذه المواقف الصعبة التي تواجهك، قد تكون ردّة فعلك الغريزية هي الشعور بالهلع والخوف. ولا عجب في ذلك، فالخوف من المجهول يتنامى، والضياع ما بين الحقيقة والإشاعة في تزايد مستمرّ، ولا حلّ أمامنا سوى أن نحافظ رباطة جأشنا.
الهلع الجماعي نتيجة حتمية للخوف
يؤدي الشعور المتزايد بالخوف والقلق المتنامي حيال الأوضاع الحالية إلى خلق ما يُسمّى بحالة الهلع الجماعي أو الـ Mass Panic، وهو أمر قد حدث بالفعل في بعض الدول التي شهدت حالات متزايدة من الإصابة بالمرض.
وعلى الرغم من أنّ أهم أولوياتنا الآن تتمثّل في الاهتمام بصحّتنا الجسدية، غير أنّ الصحة العقلية والنفسية لها نصيب من الاهتمام أيضًا. بل إنّ الأمرين مرتبطين معًا في واقع الحال. حيث أنّ نسب القلق والتوتر الشديدة تضرّ بالجسم أيضًا فتؤدي إلى ضمور خلايا الدماغ وموتها والتأثير على الذاكرة، فضلاً عن زيادة احتمال الإصابة بأمراض القلب وغيره من الأمراض المزمنة.
اقرأ أيضًا: كيف تتغلب على مخاوفك ؟
كيف تتغلّب على الهلع في الأوقات الصعبة؟
بعيدًا عن طرق الحفاظ على صحتك الجسدية وحماية نفسك من فيروس كورونا والتي تمّ تغطيتها من قبل العديد من المواقع المتخصصة والمؤسسات الصحية والطبية، دعونا نتطرّق للحديث عن طرق الحفاظ على صحتك الذهنية خلال هذه الفترة الصعبة المشحونة بالتوتر والخوف.
جمعنا لكم في مقال اليوم 10 طرق تستطيعون من خلالها الحفاظ على هدوء أعصابكم وحماية أنفسكم من نوبات الهلع الجماعي، سواءً كان ذلك بسبب انتشار فيروس خطير مثل الكورونا أو لأي سبب آخر مثير للتوتر أو القلق.
سجّل بدورة فرصة المجانية عبر الإنترنت: كيف أحول الضغط النفسي لصديقي المحفز
1- خذ نفسا عميقا
البقاء هادئًا في مواجهة المجهول هو مفتاحك الرئيسي لتجاوز المواقف الصعبة، وهو ليس أمرًا سهلاً على الإطلاق، خاصّة عندما يكون العالم بأسره من حولك في حالة من الرعب والخوف. وعقلك يستقبل ملايين الأفكار في الثانية الواحدة!
لذا عليك أن تسعى لاستعادة هدوئك في أسرع وقت ممكن حتى تتمكّن من اتخاذ قرارات سليمة لصالحك ولصالح عائلتك أيضًا.
وهنا تأتي أهمية التنفّس بعمق، حيث أنّ القيام بهذا الأمر سيعمل على إبطاء سرعة تنفسّك، وبالتالي نبضات قلبك، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى إبطاء أفكارك وإعادتك إلى اللحظة الراهنة في نهاية المطاف.
من المهمّ للغاية التركيز على الآن، لأن اللحظة الراهنة هي كلّ ما تملك، وكلّ ما تستطيع التحكّم فيه. كلّما تحكّمت في حاضرك بشكل أفضل كان ذلك خيرًا لك في المستقبل.
2- أطفئ جهاز التلفاز!
لا شكّ أنّك سمعت المثال القائل: “كلّ شيء زاد عن حدّه، انقلب إلى ضدّه”. وهذا بالضبط ما يحصل خلال فترات الهلع الجماعي. لذا امنح عقلك فترة استراحة من كلّ تلك الأخبار العاجلة، ولقاءات الخبراء والمؤتمرات الصحفية الطارئة.
ببساطة عليك أن تتيح الفرصة لعقلك كي يعالج كلّ المعلومات الجديدة التي تلقّاها، وفي حال استمرّ في استقبالها دون توقّف، فلن يتمكّن من التفكير بشكل سليم…أطفئ جهاز التلفاز وهاتفك المحمول لبعض الوقت، وخذ وقتًا مستقطعًا، اقرأ كتابًا أو مارس هواية ما. وافعل ما يمكنك لتجنّب التفكير في هذا الأمر المقلق.
اقرأ أيضًا: 10 أمور يمكنك فعلها أثناء بقائك في المنزل
3- إيّاك أن تطرح سؤال: “ماذا لو؟”
أسوأ سؤال يمكن أن تطرحه على نفسك أو على الآخرين في أوقات الأزمات، يبدأ بـ “ماذا لو”. حيث أنّ هذا النوع من الأسئلة يثير الذعر المطلق ويجبرك على التفكير في كيفية التعامل مع مواقف لم تحدث وربّما لن تحدث أبدًا.
لا يمكن لسؤال “ماذا لو؟” أن يقودك لتفكير إيجابي خلال الأزمات. فلنتفرض أنّك طرحت على نفسك هذا السؤال في وقتنا الحالي الذي ينتشر فيه فيروس كورونا بشكل مخيف في أرجاء العالم. لا شكّ أنّ أوّل أمر سيخطر في بالك هو:
“ماذا لو أصبتُ بالمرض؟، ماذا لو أصيب أحد من عائلتي بالمرض؟…”
ستبدأ بالتفكير في مثل هذا النوع من المواقف بدلاً من التركيز على وضعك الحالي والعمل على إيجاد حلول وطرق تقي بها نفسك من هذا المرض.
توقّف في الحال عن طرح هذا السؤال، واستبدله بأسئلة أفضل مثل:
- كيف يمكنني تجاوز هذه الأزمة بنجاح؟
- ماذا يمكنني أن أفعل الآن لحماية نفسي وعائلتي؟
- كيف أستطيع الاستفادة من فترة بقائي في المنزل؟
طرح هذا النوع من الأسئلة سيساعدك على التفكير بطريقة إيجابية، ويقودك لوضع خطط واقعية مبنية على المعطيات الحالية. وذلك أفضل علاج للخوف والهلع.
اقرأ أيضًا: خمس طرق للتخلص من السلبية وتحقيق السلام الداخلي
4- اعتني بصحتك
سواءً كانت الأزمة التي تمرّ بها وباءً مثل فيروس الكورونا المتفشي، أو مشكلة مادية في عملك أو أزمة عائلية أو غيرها، فمن المهمّ أن تحافظ على سلامة جسدك.
يجب أن تكون صحّتك هي أولويتك الأولى حتى تتمكّن من تجاوز هذا الوقت العصيب بنجاح. اتبع النصائح التالية في سبيل الحفاظ على صحّتك:
- اتبع حمية غذائية متوازنة تتضمّن جميع العناصر الغذائية والفيتامينات التي يحتاجها جسمك.
- احرص على الاستمرار في ممارسة التمارين الرياضية حتى لو لم تشعر بالرغبة في ذلك.
- احصل على قسط كافٍ من النوم.
من خلال الحفاظ على صحّتك الجسدية، سوف تتمكّن من رفع قدرتك على التحكّم بردود أفعالك، وتعزيز ذاكرتك وذكائك العاطفي وهي أمور مهمّة للغاية كي تتمكّن من الاستجابة السليمة للظروف الطارئة.
5- قلّل من الكافيين
نعم، جميعنا نقع في ذات الفخّ! بمجرّد أن نجد أنفسنا في موقف صعب، وتبدأ مشاعر الخوف بالتسلل إلينا، نهرع إلى المطبخ لتحضير كوب عملاق من القهوة بحجّة أنه سيساعدنا على التفكير بشكل أفضل.
صحيح أنّ القهوة ستزيد نسبة إفراز الأدرينالين في الجسم، وتمنحك شعورًا سريعًا بالنشاط واليقظة، لكنه أثر مؤقت يختفي بعد بعض الوقت، ليحلّ محلّه انهيار تامّ وشعور كبير بالإرهاق والتوتر.
بدلاً من الإسراع لاحتساء القهوة أو أيّ نوع من مشروبات الطاقة، استبدل هذه العادة بكوب من الماء. سيساعدك على إبقاء جسدك رطبًا وتهدئة أعصابك، وبالتالي التفكير بشكل أفضل.
6- خصّص وقتًا للتأمل
ثبت علميًا أن تركيز عقلك على شيء واحد فقط خلال ممارسة تمارين التأمل، يعود بنتائج إيجابية مذهلة على الدماغ. ومن المهم الالتزام بتخصيص بعض الوقت للقيام بالتأمل خلال فترات الهلع الجماعي، حيث يساعدك ذلك على التركيز على نفسك ومشاعرك أنت، وبالتالي التمييز بين أفكار ومخاوفك الخاصة، وبين ما قد يكون مخاوف الآخرين التي أُسقطت عليك.
يمكنك متابعة قناة The Mindful Movement على يوتيوب والتي تزوّدك بالعديد من المصادر والنصائح المهمّة للتأمل بشكل صحيح يعود عليك بالفائدة المرجوة.
7- أخرج ألوانك وباشر بالتلوين!
هل لازلت تعتقد أن دفاتر التلوين مخصصة للأطفال فقط؟!
إن كنت تعتقد ذلك، فنحن ننصحك بالتفكير مجدّدًا، لأن كتب التلوين أصبحت تستخدم في يومنا هذا لعلاج القلق والتوتر وحتى الاكتئاب. كلّ ذلك في إطار ما يُسمّى بالـ Color Therapy. أو العلاج بالألوان. إن لم تقتنع بعد، فإليك بعضًا من فوائد التلوين للكبار:
- تخفيف القلق والتوتر نظرًا لأنها تساعد العقل على إبطاء أفكاره ومن ثمّ الشعور بالهدوء والسكينة.
- تفعيل كِلا شقيّ الدماغ، حيث يعمل الشقّ الأيسر المسؤول عن المنطق على جعلك تلتزم بعدم الخروج عن الخطوط أثناء التلوين، ويسهم اختيار الألوان في تفعيل الشق الأيمن المسؤول عن الإبداع.
- المساعدة على النوم نظرًا لأنه نشاط مناسب للغاية يمكن القيام به ليلاً قبل الخلود إلى النوم بعيدًا عن أجهزة الحاسوب والإلكترونيات التي تقلّل من جودة نومك.
- تقودك عملية التلوين لتفعيل الشقّ الأمامي من الدماغ المسؤول عن التنظيم وحلّ المشكلات، الأمر الذي يساعدك على إيجاد حلول أفضل للمشكلات التي تعاني منها.
- التركيز على عملية التلوين يجعلك تضع جانبًا كلّ الأفكار الأخرى التي تدور في رأسك، وبالتالي التركيز على اللحظة الراهنة فقط.
لست بحاجة لأن تكون فنانًا كي تتمكن من التلوين، فقط أحضر ألوانك وأخرج طاقاتك الإبداعية. وفي حال لم تكن تمتلك دفاتر تلوين للكبار ولم تستطع العثور عليها، يمكنك ببساطة تحميل عدد من تطبيقات التلوين على هاتفك المحمول مثل:
8- استمع للموسيقى
إن كنت ممّن يعانون من الأفكار المتسارعة التي لا تتوقف، فقد تكون الموسيقى هي الحلّ الأمثل بالنسبة إليك. التزم بالنصائح التالية عند الاستماع للموسيقى:
- تجنّب الاغاني الحزينة أو التي تتضمّن رسائل سلبية لأنها ستزيد حالتك سوءًا.
- لا تخجل من الغناء مع الأغاني التي تسمعها، ولا تتردّد في الرقص والاستمتاع بما تسمعه، ففي ذلك نوع من ممارسة الرياضة وسوف يساعدك على التخلّص من الطاقة السلبية في جسدك.
- بالإضافة إلى الأغاني التي تحبّها، يمكنك أيضًا الاستماع للموسيقى الكلاسيكية الهادئة أثناء قيامك بأعمال أخرى تحتاج للتركيز كالدراسة والقراءة.
فيما يلي بعض القنوات على موقع يوتيوب التي تضمّ عددًا كبيرًا من المقطوعات الموسيقية الهادئة التي يمكنك الاستفادة منها أثناء تمارين التأمل أو خلال العمل والدراسة:
9- قم ببعض التمارين الرياضية
كما هو الحال مع تمارين التأمل أو الاستماع للموسيقي أو التلوين، فالرياضة تساعدك أيضًا على التركيز على اللحظة الراهنة، ممّا يقلّل من شعورك بالخوف والهلع، ويُبطئ من تدفقّ الأفكار المرعبة إلى رأسك. إذ أنك لن تتمكّن من التفكير في فيروس الكورونا، عندما تكون منشغلاً بالركض أو رفع الأثقال أو غيرها من التمارين التي تحتاج منك جهدًا عضليًا كبيرًا.
10- إذهب إلى النوم!
النوم هو كلّ شيء. في حال قضيت نهارك غارقًا في التفكير الزائد، أو في مشاهدة الأخبار العاجلة والتطوّرات المقلقة للأزمة التي تعيشها، أو في تناول طعام غير صحّي، فأنت بلا شكّ ستكون مرهقًا مع نهاية النهار ولابدّ لك من الحصول على قسط كافٍ من النوم. حيث تؤدي قلّة النوع إلى:
- الإرهاق.
- الإصابة بنوبات الغضب والثورات العاطفية.
- انعدام الشهية، والرغبة في القيام بالأنشطة اليومية المعتادة.
- القلق والاكتئاب.
هذه الأعراض هي آخر ما تودّ أن تعاني منه خلال الأوقات العصيبة لأنها لن تزيد إلاّ الأمور سوءًا. لذا احرص على ما يلي كي تحصل على قسط كاف من النوم الجيّد:
- أطفئ جهاز التلفاز وجميع الأجهزة الإلكترونية قبل 20 دقيقة على الأقل من موعد نومك.
- اخلد إلى النوم في ساعة محدّدة كلّ يوم.
- تناول كوبًا من الحليب الدافئ أو شاي الأعشاب لمساعدتك على الاسترخاء.
تعرّف على المزيد من العادات التي يمكنك القيام بها قبل النوم لضمان انطلاقة نشيطة في اليوم التالي من خلال مقالنا على تعلّم.
نصيحة أخيرة
قبل أن تقحم نفسك في نوبة من الهلع والخوف، تذكّر دومًا أنّ كلّ شيء في هذا العالم محايد، كلّ موقف يحدث معنا يكون في الأصل محايدًا، ونحن من نختار كونه جيّدًا أم لا من خلال ردّة فعلنا.
ألم ترَ كيف أنّ موقفًا معيّنًا حدث لشخصين فكان لأحدهما أمرًا جيّدًا وللآخر أمرًا سيئًا؟َ!
بدلاً من التركيز على الجانب السلبي من الأزمة التي تمرّبها، وبدلاً من التفكير في كلّ تلك السيناريوهات المخيفة التي يتفننّ عقلك في نسج أحداثها، اسأل نفسك:
كيف يمكنني أن أحوّل هذا الأمر إلى شيء إيجابي ينفعني على المدى البعيد؟
عندما تبدأ بطرح مثل هذه الأسئلة على نفسك، سيبدأ عقلك لا إراديًا بالتركيز على الجوانب الجيدة، والخروج بأفكار تساعدك على تجاوز محنتك بحكمة وذكاء. فلا تسمح للخوف أن يسيطر عليك، لأن الخوف هو الداء الأخطر على الإطلاق.
المصادر: thriveglobal، entrepreneur
اقرأ أيضًا: 7 خطوات بسيطة لتصبح تعيسا!
اقرأ أيضًا: التعلم خلال النوم: حقيقة أم خرافة؟