لا أحد منّا يحب الأشخاص الغاضبين، ومع ذلك نجد أنّ الغضب من المشاعر شائعة الانتشار بيننا في مجتمعاتنا. أن تفقد أعصابك وتوصف بأنّك سريع الغضب يعني عادة أنّك شخص عاجز عن احتواء المشاعر السلبية التي تثير انزعاجك.
يعتبر هذا النوع من الطاقة سلبيًا لأنه يخلق مشاعر سيئة في داخل الأشخاص الآخرين القريبين منك وقت غضبك، ممّا يجعلك تشعر بالسوء تجاه نفسك وتجاه العالم من حولك.
لكن هل يُعقل أن هذه المشاعر السلبية قد تتحوّل إلى شيء إيجابي؟
الجانب الإيجابي في مشاعر الغضب
تظهر مشاعر الغضب لدى معظم فصائل الحيوانات القادرة على الإحساس، ممّا يشير إلى أنّ هنالك أسبابًا تطورية وراء ظهور هذه المشاعر في المقام الأوّل أصلاً.
في الواقع السبب الرئيسي لظهور هذه المشاعر هو “غريزة البقاء”. مهمّتنا هي الردّ على المواقف بشكل فعّال للبقاء، وفي حال شعرنا بالتهديد أو بأنّنا نتعرّض للهجوم أو حتى بالإحباط أو الضعف، نحتاج في هذه الحالة إلى إعلام المجموعة التي ننتمي إليها وإخبارها بضرورة التراجع أو إيقاف ما يحدث.
تعزيز غريزة البقاء ليست الجانب الإيجابي الوحيد في مشاعر الغضب، فهذه المشاعر تلعب دورًا مهمًّا آخر في حياتنا.
بحسب دراسات أجراها كلّ من الباحثين جينفر ليرنر و داتشر كيلتنر على تأثير الغضب والخوف على الأفراد، وجد الإثنان أنّ الغضب يمنح الفرد مشاعر مشابهة تجاه خوض المخاطر تمامًا كما تفعل مشاعر السعادة.
ماذا يعني ذلك بالضبط؟
بحسب الباحثة، الدكتورة مارشيا رينولدز، فإنّ الشخص الغاضب يمتلك وجهة نظر متفائلة تجاه تقدير المخاطرة. وهو بالتالي أكثر ميلاً لخوضها ممّا يعني أنّه قادر على استخدام هذا الميل لتغيير العادات السيئة واستبدالها بأخرى جيدة.
حيث تتعمّق في هذا الشأن قائلة:
“تكمن المهارة هنا في تحويل تركيز غضبك بعيدًا عن الظروف الخارجية، والتركيز بدلاً من ذلك على ما ترغب في تغييره بقوّة في داخلك. الأمر لا يتعلّق برئيسك في العمل أو مسؤولياتك الكثيرة، فهي ليست ما يجعلك تصرخ غاضبًا في وجه الغرباء أثناء قيادة سيارتك في الشارع، وإنّما شعور الحنق هذا نابع في الحقيقة من إحساسك بأنّك استغرقت وقتًا طويلاً للغاية لتدرك أنّك تملك القوة الكافية لتغيير ظروفك. لذا، استغلّ غضبك هذا للبدء في إحداث تغييرات إيجابية في حياتك.”
كيف أحول غضبي إلى شيء إيجابي؟
لعلّك تتساءل الآن، كيف أفعل ذلك؟ كيف أحوّل مشاعر الغضب هذه إلى أمرٍ إيجابي؟
حسنًا إليك فيما يلي 4 طرق تساعدك على ذلك:
1- حدد غضبك وعرفه
قد يكون من الصعب أن تكون واعيًا بذاتك حينما تدخل مرحلة الغضب، لكنّ القيام بهذا الأمر سيدرّبك على الوعي الإيجابي بالذات. وعلى الرغم من أنّ الأمر قد لا يبدو ذا أهمية كبيرة، لكنّه في الواقع قوّة داخلية ستجعلك أقوى مع مرور الوقت، وستخدمُك كثيرًا في تطوير أدوات عاطفية تساعدك على الاسترخاء والتعامل مع المواقف المستقبلية التي تنطوي على الكثير من التوتر.
اقرأ أيضًا: ما هو الوعي بالذات وكيف تطوره؟
2- استخدم غضبك لتتعلم أساليب النقاش المثمر
عادة ما يتمّ ربط الغضب مع النقاش. لذا، إن وجدت نفسك هجوميًا خلال نقاش غاضب حادّ، فالفرصة الآن متاحة أمامك للتدرب أكثر على الوعي الذاتي.
استخدام تقنيات مثل:
- إبطاء الكلام.
- التنفس بعمق.
- خفض الصوت.
جميعها ستساعدك على الاسترخاء وتهدئة أعصابك. وتمنحك فرصة للتفكير بالطرف الآخر، والسبب الذي يجعله يتصرّف على نحو معيّن دون أن تبني أيّ أحكام متحيّزة ضده.
في النهاية ربما لم يفهم هذا الشخص وجهة نظرك جيّدًا، أو لعلّه لم يدرك مدى انزعاجك في هذه اللحظة، أو قد يكون واقعًا تحت ضغط كبير جعله يتصرّف على نحو أغضبك. التفكير في هذه النقاط يسهم في تطوير ذاتك وتعميق وعيك بما حولك وتنمية مشاعر التعاطف مع الآخرين.
اقرأ أيضًا: ما هي مهارات التواصل وكيف يمكنك تطويرها
3- اجعل من غضبك حافزا لك
يعتبر الغضب من المشاعر المهمّة، لأنه يتيح لنا معالجة المشاعر السلبية وبالتالي تجاوز المواقف الصعبة في حياتنا. لكن حينما يتحوّل إلى شعور قوّي يستهلك كلّ طاقتنا ويطول تواجده في حياتنا، حينها فقط سيُصبح مدمّرًا ومضرًّا بصحتنا النفسية والجسدية.
تحويل الطاقة السلبية إلى شيء إيجابي هي الطريقة الأمثل للتعامل مع مشاعر الغضب والحنق، والنشاط الجسدي هو أفضل سبيل للقيام بذلك، نظرًا لأنه يزيد سرعة الجسم ويرفع قدراته.
إن كنت ترغب في رفع أدائك في أيّ شيء جسدي كالركض أو السباحة أو أيّ رياضة أخرى، فإن القيام بذلك أثناء الشعور بالغضب سيحقق لك نتائج مذهلة.
الأمر الجيّد حول الغضب، خاصّة إن كان مرتبطًا بالأداء هو أنّك تستطيع اتخاذ القرار باستخدامه كوقود لدعم رغباتك بدلاً من التركيز على الأخطاء. بل قد يساعدك أيضًا على القيام بعصف ذهني فعال وإيجاد حلول ناجعة للكثير من المشاكل. بهذه الطريقة ستتمكّن من تفريغ طاقتك السلبية الناجمة عن مشاعر الغضب واستغلالها لتحقيق أمور أكثر إيجابية.
اقرأ أيضًا: كل ما تحتاج معرفته عن تحفيز الذات
4- حول غضبك إلى فرصة للنمو
قد ترى الغضب كمشكلة، لكنه أيضًا جزءٌ أساسي من كوننا بشرًا، ومرحلة مهمّة في عملية التعافي العاطفي. إن وجدت نفسك تفقد أعصابك بسرعة، فربما كان ذلك إشارة إلى أنّك قد منحته حيّزًا أكبر ممّا يستحق في حياتك. لكن هذا لا يعني بالضرورة أنّه سيء.
استغلّ هذه الفرصة لتعرف المزيد عن نفسك، وتجد حلولاً لمشاكلك الشخصية… وحينما تفعل ذلك، ستجد أنّك قد اكتسبت مهارات جديدة مثل حلّ المشكلات والتعاطف مع الآخرين وفهم احتياجاتهم على نحو أفضل.
وهكذا فالغضب ليس أمرًا سيئًا دومًا…في الواقع أنت الوحيد القادر على تحديد ما إذا كان أمرًا إيجابيًا أو سلبيًا لك…لك حريّة الاختيار، والقرار قرارك…فما الذي ستختاره؟ أن تحترق بنار غضبك وتحرق من حولك؟ أم أن تجعله وقودًا للوصول إلى طموحاتك وأهدافك؟!
يمكنك معرفة المزيد عن كيفية التعامل مع هذه المشاعر من خلال قراءة مقالنا بعنوان: مهارات إدارة الغضب. كما تستطيع أيضًا تجربةاختبار تحليل الشخصية لاكتشاف المزيد عن نفسك، ولا تنسَ التسجيل في موقعنا ليصلك كلّ جديد!
المصدر: lifehack
اقرأ أيضًا: أسرار لغة الجسد وتعابير الوجه؟
اقرأ أيضًا: 8 أسباب تجعلك تعيسا في عملك وطريقة التغلب عليها
اقرأ أيضًا: أفضل تقنيات العصف الذهني لحل المشكلات