خلال رحلتك لتعلّم لغة جديدة، يحدث أحيانًا أن تشعر بأنّ عقلك هو عدوّك اللدود. إذ أنّك تستمر في نسيان الكلمات الجديدة، أو تحسّ بأنّك عالق حينما تحاول التحدّث عن نفسك بهذه اللغة، أو ربما تفشل في فهم ما يقوله الناطقون الرسميون باللغة بعد قضاء أشهر في دراستها.
لا شكّ أنّه أمر محبط بالطبع، لكنّك لست الوحيد في ذلك، كثيرون من يعانون من هذه المشاكل ويستطيعون فهم ما تشعر به تمامًا.
في الواقع، جمعنا لكم في مقال اليوم، 5 مشاكل رئيسية تواجه معظم متعلّمي اللغات، متبوعة بحلول مقترحة للتغلّب عليها.
المشكلة الأولى: عدم القدرة على تذكر المفردات
الدماغ جهاز عظيم حقًا، بل ومخيف أحيانًا، إذ باستطاعته أن يرعبك أحيانًا بتلك الأغنية التي تكرهها، فيستمرّ بتكرارها داخل رأسك دون توقّف، لكنه في الوقت ذاته، ينسى بكلّ بساطة تلك الكلمة الصغيرة المهمّة التي تحتاجها لتعبّر عن نفسك بالفرنسية، أو الألمانية أو الإسبانية!
مشكلة متكرّرة شائعة بين كلّ متعلمي اللغات حول العالم، إذ يبدو أنّه وبعد فترة من الزمن، تتوقّف الكلمات الجديدة عن البقاء في ذاكرتك.
ربما حاولت إنشاء قوائم خاصّة، أو ترتيب المعاني حسب موضوعها في أعمدة وجداول، قد تكون جرّبت مثلاً تكرار هذه المفردات عدّة مرات حتى تشعر بأنها ترسّخت في ذهنك أو استخدامها في جمل وسياقات متنوعة.
لكن رغم كلّ شيء، وبعد مرور أسبوعين فقط، تكتشف أنّه لم يعلق بذاكرتك شيء من تلك الكلمات!
فما هو الحل يا ترى؟
كيف تتغلب على مشكلة نسيان المفردات؟
الفكرة وراء تكرار الكلمات عدّة مرات منطقية في واقع الأمر، لذا لا يجب عليك أن تهملها أو تتجاهلها أثناء تعلّم لغة جديدة.
لكنّ الخدعة لا تكمن في التكرار، وإنّما في الاستمرار!
غالبًا ما يركّز متعلّمو لغة معيّنة على مجموعة من المفردات، ويستمرّون في تكرارها لأسبوع أو أكثر، ثمّ ينتقلون بعدها إلى الدرس التالي في المقرّر الدراسي، أو الوحدة التالية أو الموضوع اللاحق أو مجموعة المفردات التالية وهكذا، يتولّد لديك شعور بضرورة تعلّم المزيد من المفردات بسرعة وفي أقلّ وقت ممكن.
حلّ بسيط يمكنك اتباعه لحلّ هذه المشكلة، هو من خلال كتابة جمل كلّ يوم، وإضافة المزيد من الكلمات الجديدة إليها يوميًا، مع الحرص على تكرار ما تعلّمته سابقًا.
من المهم الاستمرار في مراجعة المعاني القديمة، وكلّما نوّعت طرق المراجعة، كان ذلك أفضل. التنوّع والاستمرار يعملان بشكل رائع معًا حينما يتعلّق الأمر بتعلّم كلمات أو قواعد جديدة!
اقرأ المزيد: ما هي أسباب النسيان وأفضل استراتيجيات الحفظ؟
المشكلة الثانية: الشعور بأنك عالق عند محاولة التحدث باللغة التي تتعلمها
هنالك سببان رئيسيان يجعلانك تشعر بأنّك عالق عند محاولة التحدّث بلغة أجنبية، فهل ينطبق أيّ منهما عليك؟
السبب 1: أنت تخشى من أن تجعل نفسك أضحوكة
أنت مؤمن بأنك ستبدو غبيًا أو أحمقًا، إنّك تخشى فترات الصمت الخرقاء أو تلك اللحظات التي ينتظر فيها الآخرون أن تتذكّر كلمة معيّنة. تعتقد أنّك ستتفوّه بشيء سخيف أو أحمق قد يُساءُ فهمه، والأمر كلّه قد يجعلك تشعر بالقلق والتوتر الشديدين.
السبب 2: لا تستطيع تذكر الكلمات عند الحديث
على الرغم من أنّك لا تخشى من التحدّث أمام الآخرين، وقد تتطوّع أحيانًا للبدء بالكلام لكنك تجد نفسك دومًا تعاني لتذكّر الكلمات والمفردات، وتشعر أنّ قدرتك على الاستمرار في الحديث والتعبير عمّا تريد قوله تتلاشى.
وربما تعاني من السببين معًا، اعتمادًا على طبيعة الموضوع أو مدى شعورك بالثقة في يوم ما.
اقرأ أيضًا: 4 قواعد أساسية لتعلم المحادثة باللغة الانجليزية
كيف تتغلب على مشكلة المحادثة بشكل سلس؟
هل سبق لك في يوم من الأيام المشاركة في نادي المسرح في المدرسة أو الجامعة؟
يمكنك أن تتخيّل حواراتك كما لو أنّها نصّ مسرحي عليك أداؤه…الخطوة الاولى هي أن تفكّر في الهدف من حوارك باللغة التي ستتحدّث بها.
أجل، الحوارات لها هدف ونبرة معيّنة، وكلّ شيء يعتمد على أولوياتك.
هل أنت ذاهب إلى اجتماع عمل باللغة الإسبانية؟ أم أنّك تخطط لإجراء حوار اعتيادي مع صديق بالألمانية؟ ربّما تسعى لتطوير مهاراتك اللغوية باللغة الإنجليزية وحسب…
ابدأ بتجهيز 3 أو 5 مصطلحات ستستخدمُها على الأرجح أثناء حوارك هذا، ثمّ اكتبها على ورقة أو دفتر.
تذكّر، بغضّ النظر عن موضوع الحوار الذي ستخوضُه، هنالك مصطلحات وتعابير مستخدمة في جميع المواقف والسياقات، كعبارات الموافقة أو الاختلاف في الرأي، الطلب أو التحيّات المختلفة.
الخطوة التالية، هي أن تخصّص وقتًا تبقى فيه بمفردك، قد يكون ذلك في غرفتك أو المطبخ أو أثناء الاستحمام، لا يهمّ أي ستكون ما دمت مرتاحًا ولا أحد يراقبك.
إليك ما ستفعله حينها:
عليك أن تتحوّل إلى ممثل مسرحي الآن يتعيّن عليه حفظ النصّ وتقديمه على أفضل صورة ممكنة. هدفك هو أن تبدو عفويًا، وطبيعيًا قدر الإمكان بدلاً من الظهور كأنّك رجل آلي!
قد تتساءل الآن: كيف أفعل ذلك بالضبط؟
ابدأ أولا بالنظر إلى الورقة التي كتبت عليها العبارات والمصطلحات، واقرأها عدّة مرّات ببطء. ثمّ زد سرعتك في القراءة شيئًا فشيئًا. حاول أيضًا أن تقرأها بنبرات مختلفة ومشاعر مختلفة أيضًا.
مثلاً، يمكنك أن تجرّب قراءة مصطلح ما وأنت ترسم ابتسامة على محيّاك، ثمّ قراءته من جديد وأنت حزين أو غاضب أو متوتّر…الخ
لقد أصبحت الآن أكثر اعتيادًا على هذه الجمل، لدرجة أنّك لست بحاجة إلى الورقة من الآن فصاعدًا.
حينما تنظر إلى تعلّم اللغة على أنها دور مسرحي يتعيّن عليك إتقانه وتقديمه للجمهور بأفضل طريقة ممكنة، سيصبح الأمر ممتعًا أكثر، ويخفف من شعورك بالضغط.
أخيرًا، تذكّر فقط أنّه لا عيب في أن تخطئ أو تتوتّر، أو تلفظ جملة بشكل خاطئ، فاللغة التي تتعلّمها ليست لغتك الأم، ولن يسخر منك أيّ شخص أجنبي تتحدّث لغته، في الواقع سيكون سعيدًا جدًّا لأنك تبذل جهدًا في تعلّمها….
فكّر في الأمر، ألا تشعر بالسعادة حينما تلتقي سائحًا أجنبيًا في بلدك وتسمعه يتحدّث بلغتك العربية؟!
اقرأ أيضًا: المحادثة باللغة الإنجليزية | 5 مواضيع لمحادثات ممتعة بالإنجليزية
المشكلة الثالثة: عدم امتلاك الوقت الكافي لتعلم اللغة
سواءً كان ذلك بسبب وظيفتك، دراستك الجامعية أو الاعتناء بالعائلة والأطفال، قد تستمرّ في تأجيل تعلّم اللغة الاجنبية إلى ما لا نهاية.
لنكن واقعيين، إن كانت مجرّد فكرة إعداد طعام العشاء تسبّب لك الكثير من الإرباك أحيانًا، فما بالك بتعلّم لغة جديدة؟!
فما هو الحلّ يا ترى؟
كيف تتغلب على مشكلة قلة الوقت لتعلم اللغات؟
يمكنك القيام بأحد الأمرين التاليين أو كلاهما!
أوّلا، استغلّ كلّ دقيقة فراغ من وقتك في تعلّم جزئيات صغيرة من اللغة. وثانيًا، أحِط نفسك باللغة التي تتعلّمها (أجل يمكنك تعلّم اللغة الصينية حتى خارج الصين!)، وهكذا، فحتّى لو لم تكن منكبًّا على كتابك تحفظ المعاني وتدرس القواعد، لكنّك لا تزال على اتصال بهذه اللغة!
يمكنك تجربة القيام بأيّ ممّا يلي:
- استعن ببعض تطبيقات تعلّم اللغات الأجنبية أثناء استراحتك.
- تصفّح بعض حسابات الانستغرام الخاصّة بتعلّم اللغة التي تريدها.
- استمع إلى إذاعة تبثّ باللغة التي تتعلّمها أثناء ممارسة نشاطاتك اليومية أو خلال القيام بأعمالك المنزلية.
- حاول كتابة خمس جمل يوميًا باللغة التي تتعلمها، فذلك لن يستغرق منك وقتًا طويلاً.
قد تبدو لك هذه الطرق تقليدية وغير مفيدة، لكنها في الواقع فعّالة حقًا، وستُبقيك على اتصال باللغة التي تتعلّمها وتحفّزك على تخصيص وقت أكبر للدراسة لاحقًا.
اقرأ المزيد:الكايزن| تعرف على مهارات التطوير المستمر وكيفية اكتسابها
اقرأ المزيد: مهارات اللغة الإنجليزية: 26 طريقة لاكتسابها وتطويرها
المشكلة الرابعة: عدم القدرة على فهم الناطقين باللغة التي تتعلمها
ربما تبدو لك كلّ الأمور جيدة حينما تراجع مقرّرك الدراسي، أو أثناء الاستماع إلى مدرّسك أو خلال التدرّب مع زميل لك، لكن وبمجرّد أن تجد نفسك وجهًا لوجه (أو في مقابلة سكايب مثلاً) مع ناطق رسمي باللغة التي تتعلّمها، ينتابك الارتباك والتوتر وتشعر بأنّك ضائع.
يحدث هذا الأمر على وجه الخصوص في حال كنت قد تعرضت إلى مواقف ومصادر مخصّة لمتعلّمي اللغة فقط، حيث أنّ اللفظ في مثل هذه المصادر يكون أوضح وأبسط ممّا يسهّل عملية فهمه من قبل الأجانب.
بيْدَ أنّ الواقع مختلف، فالتعابيرُ تختلف، واللهجات تتنوّع وتدخل المصطلحات العامية في الحوار وتبدو حتى الكلمات العادية أقصر وأقصر!
يمكن للواقع أن يكون مختلفًا للغاية عمّا اعتدت عليه، لدرجة تشعر معها أنّك أمام لغة جديدة مختلفة تمامًا لم يسبق لك سماعها.
اقرأ أيضًا:أفضل 5 حسابات لتعليم اللغة الإنجليزية على انستغرام
كيف تتغلب على مشكلة اختلاف اللغة على أرض الواقع عما اعتدت على دراسته؟
كلّ ما عليك فعله لحلّ هذه المشكلة هو التعرّض لمواقف وموادّ مخصّصة للمتحدثين والناطقين باللغة الأجنبية وليس تلك المجهّزة مسبقًا لمتعلّمي اللغة الجدد.
بمعنى آخر، عليك التدرّب على تطوير مهارات الاستماع، وذلك من خلال مشاهدة الأفلام، البرامج التلفزيونية، المقابلات والوثائقيات وحتى فيديوهات اليوتيوب التي تساعدك على رؤية الطريقة التي يتحدّث بها الناطقون الرسميون باللغة مع بعضهم البعض.
اقرأ المزيد: 10 أفلام عالمية تساعدك على تعلم لغة أجنبية
المشكلة الخامسة: طريقة اللفظ المريعة!
هل سبق لك أن وجدت نفسك في ذلك الموقف المحرج الذي نطقت فيه كلمة بصورة خاطئة تمامًا لدرجة أنّ الشخص الذي أمامك لم يتمكّن من فهم ما قلته، وطلب منك إعادة الكلمة 3 مرّات على الأقل؟!
أو ربما تلقيت تلك الابتسامة الباردة من أحدهم، والتي تنمّ عن أنه لم يفهم سؤالك لكنّه كان لبقًا بما فيه الكفاية لئلا يقول لك شيئًا.
اللفظ السيئ للكلمات قد يكون عاملاً مهمًّا في تقليل ثقتك بنفسك وتقديرك لذاتك، لا سيّما حينما تكون قادرًا على تذكّر المفردات جيّدًا، وتطبيق القواعد بشكل صحيح لكن مع ذلك يُساء فهمك بسبب لهجتك في التحدّث بهذه اللغة.
كيف تتغلب على مشكلة اللفظ السيئ باللغة الأجنبية؟
تذكّر دومًا، هدفك الرئيسي هو أن تكون لغتك مفهومة وصحيحة، وليس أن تكون كاملاً محترفًا (مع أنّ الاحتراف قد يصبح هدفًا خلال فترة قصيرة).
لكن في البداية، يتمثّل هدفك في أن تكون مفهومًا وليس أن تبدو كناطق رسمي باللغة كما لو أنّها لغتك الأمّ!
الخطوة الأولى لحلّ هذه المشكلة، تتمثّل في تحديد الأصوات التي تميّز لغتك الأم، والتي قد تؤثر ربّما على لفظك باللغة الأجنبية الجديدة التي تتعلّمها.
لنأخذ على سبيل المثال، الألمان الذين يحاولون تحدّث الإنجليزية، إنّهم يستبدلون غالبًا الحرفين “th” بالحرف “z” ممّا يسبب خللاً في اللفظ، ويزيد صعوبة فهم ما يقولونه بالإنجليزية.
اكتشف الصوت أو الجانب المحدّد من لغتك الذي يؤثّر على مهاراتك في المحادثة باللغة الأجنبية، وركّز عليه جيّدًا، وتدرّب على استبداله بالصوت الصحيح.
لا تتردّد في سؤال الآخرين عمّا يرون أنّه خاطئ في طريقة لفظك، ثمّ حاول بعد ذلك التدرّب على تصحيح اللفظ عدّة مرّات إلى أن تنجح.
ليس عليك بداية اكتساب اللهجة البريطانية أو الأمريكية، أو تحدّث الفرنسيين كما لو أنّك قد ولدت في باريس، فالأهمّ هو أن تجعل لغتك مفهومة للآخرين، لأن الهدف هو إيصال فكرتك بالطبع.
لاحقًا وبعد أن تتقن اللفظ الصحيح للكلمات، يمكنك الانتقال إلى الخطوة التالية المتمثّلة في اكتساب طريقة نطق أشبه إلى المتحدّثين الرسميين باللغة.
كانت هذه إذن خمسة من أهم المشكلات التي تواجه أيّ متعلّم لغة جديدًا، فأيّها وجدت أنّك تعاني منه؟ وهل اتبعت طرقًا أخرى ناجحة للتغلّب على هذه المشاكل؟
شاركنا رأيك من خلال التعليقات ولا تتردّد في قراءة المزيد من مقالاتنا حول تعلّم مختلف اللغات الأجنبية.
يمكنك أيضًا التسجيل في موقعنا ليصلك كلّ جديد من فرص التعلّم وتطوير المهارات.
المصدر: speechling
اقرأ أيضًا: أنماط التعلم | ما هو نمط التعلم المناسب لك وكيف تستغله؟
اقرأ أيضًا: أفضل النصائح لإتقان فن المراجعة للامتحانات
اقرأ أيضًا: 7 تطبيقات يحتاجها كل طالب خلال فترة الامتحانات