عند التفكير في دراسة أيّ لغة جديدة، لابدّ أوّلاً من أن تضع في اعتبارك أنّه ما من لغة في العالم سهلة حقًا… لكن غالبًا ما يُساء فهم هذه العبارة فتتمّ المبالغة في صعوبات تعلّم لغة معيّنة. وهو الحال بالنسبة للغة اليابانية!
في كلّ مرّة يعبّر فيها أحدهم عن رغبته في تعلّم اليابانية، تظهر فجأة علامات الرعب والاستهجان على كلّ من حوله، كما لو أنّه أتى على ذكر قصّة رعب قديمة، وتنهال عليه جمل وعبارات مثل:
- إنها صعبة للغاية.
- ستموت قبل أن تتعلّمها!
- هل اليابانية لغة حقيقية أصلاً؟!
- إنها لغة تعجيزية، وحروفها تحتاج إلى فنان كي يستطيع رسمها!
هذه العبارات كثيرًا ما تؤدي إلى إحباط الشخص الراغب في التعلّم وعزوفه في النهاية عن القيام بهذه الخطوة، إلاّ من رحم ربي من أولئك الذين يمتلكون شغفًا حقيقيًا للغة والثقافة اليابانية.
في مقال اليوم سنحدضُ جميعَ هذه الاعتقادات حول كون اللغة اليابانية لغة تعجيزية يستحيل تعلّمها، وسنُثبت لكم أنّ هذه اللغة أسهل في كثير من الأحيان من بعض اللغات الأوروبية التي يعتبرها الجميع من أسهل اللغات مثل الإسبانية أو الإيطالية.
10 أسباب تجعل اللغة اليابانية أسهل مما تعتقد
جمعنا لكم فيما يلي قائمة بـ 10 أسباب تجعلتعلّم اللغة اليابانية أسهل بكثير ممّا تتوقع، بل أسهل من تعلّم اللغات الأوروبية أيضًا!
1- وجود العديد من الكلمات الإنجليزية في اللغة اليابانية
إن كنت تتقن اللغة الإنجليزية فهنيئًا لك! لقد اختصرت على نفسك الكثير من العناء في تعلّم اليابانية. حيث أنّك ستجد آلاف الكلمات في اللغة اليابانية المستوحاة من الإنجليزية.
هذه الكلمات الأجنبية أو الـ “Gairaigo” تساعد الناطقين باللغة الإنجليزية كثيرًا في تعلّم اليابانية. وتساعدهم على فهم الكثير من المعلومات حتى لو كان مخزونهم من المفردات اليابانية ضعيفًا، أو لا يملكون أيّ دراية بحروف الكانجي المعقّدة.
فيما يلي أمثلة بسيطة على بعض الكلمات اليابانية المستوحاة من اللغة الإنجليزية:
عليك بالطبع أن تتعلّم اللفظ الياباني لهذه الكلمات المستعارة من الإنجليزية، لكن لا تقلق، فالتغيرات في اللفظ ثابتة في معظم الأحيان ومتوقعة للغاية. كلّ ما عليك فعله هو تعلّم أبجدية الكاتاكانا Katakana الخاصّة بكتابة هذه الكلمات، والتعرّف على طريقة تغيّر الأصوات من الإنجليزية إلى اليابانية.
اقرأ أيضًا: اهم 10 لغات في القرن الواحد والعشرين
2- لا وجود للمذكر والمؤنث في اللغة اليابانية
بعكس الكثير من اللغات الأوروبية “الرومانسية”، تفتقر اللغة اليابانية إلى “المذكر”، “المؤنث” أو حتى “المحايد”.
إن كنت قد درست إحدى اللغات الأوروبية سابقًا كالفرنسية مثلاً فأنت تعلم تمامًا حجم المعاناة المتعلّقة بالمذكر والمؤنث. إذ عليك دومًا أن تختار أدوات التعريف المناسبة للاسم حسب جنسه (مذكر، مؤنث) كما يجب عليك اختيار صيغة الصفة المناسبة أيضًا…ويالا سوء حظّك إن كان الاسم يبدأ بحرف علّة!
لانك لن تتمكّن عندها من الاستفادة من أداتي التعريف Le و La لمعرفة ما إذا كان الاسم مذكّرا او مؤنثًا، حيث أنّ كلتا الأداتين ستتحوّل إلى ‘L.
حسنًا، إن قررت دراسة اليابانية، فلن يكون عليك التفكير في أيّ من هذه الأمور. لأنه لا وجود لها أصلاً!
هنالك بالطبع بعض الكلمات التي تشير في معناها إلى المذكّر والمؤنث، كما هو موضّح في الجدول أدناه:
اقرأ أيضًا: كل ما تريد ان تعرفه عن اختبار اللغة اليابانية JLPT
3- لا وجود لضرورة تطابق الفعل مع الفاعل
قد لا تواجه هذه المشكلة في اللغة الإنجليزية، لكنها مع ذلك حاضرة في مختلف اللغات الأوروبية وحتى في اللغة العربية. إذا عليك في اللغة العربية مثلاً أن تصرّف الفعل مع 12 ضميرًا مختلفًا! انظر المثال أدناه:
حسنًا، ماذا عن اللغة الفرنسية؟
قد تكون الفرنسية أحسن قليلاً، إذ يتعيّن عليك تصريف الفعل مع 6 ضمائر فقط كما يلي:
كما ترى فالفعل يتغيّر هنا أيضًا. وهنا تتفوّق اللغة اليابانية لأنها لا تحتوى على أيّ تصريف للأفعال مع الضمائر المختلفة ففي جميع الحالات سيبقى الفعل “يأكل” كما هو مع جميع الضمائر: Taberu.
عليك بالطبع تعلّم تصريف الفعل في أزمنة مختلفة، وبدرجات احترام مختلفة أيضًا، لكن لن يكون عليك أن تقلق أبدًا حيال تصريفه مع الضمائر!
اقرأ أيضًا: تعلم اللغة التركية من الصفر
4- المرونة التامّة في تركيب الجمل
يمكننا تشبيه بنية الجملة في اللغة اليابانية بلعبة الليجو، يمكنك تركيبها كما يحلو لك، وليس عليك أن تقلق من زوال المعنى. كلّ ما عليك فعله هو الالتزام بقاعدتين رئيسيتين:
- يأتي الفعل دائمًا في آخر الجملة.
- في كلّ جملة يجب أنّ تبقي كلّ كلمة أطفالها معها!
تستخدم اللغة اليابانية ما يُعرف بالـ Particles أو “أداة الدلالة على الموضوع” والتي تتبع الكلمات كما تتبع صغار البطّ والدتها.
ولهذا السبب ما دمت تحتفظ بالأدوات في مكانها المناسب مع الكلمات التابعة لها، وتحرص على إبقاء الفعل في آخر الجملة، يمكنك أن تغيّر في ترتيب الجملة كما يحلو لك.
انظر المثال التالي لتفهم الأمر بشكل أفضل حيث تشير الأجزاء باللون الأحمر إلى الـ Particles والأجزاء بالأخضر إلى الفعل:
اقرأ أيضًا:كيف أتعلم اللغة الإنجليزية وأيّ لغة أخرى بأسرع وقت وأقل جهد
5- يمكنك التخلص من الفاعل والمفعول به في الجملة
تعتمد اللغة اليابانية كثيرًا على مبدأ “الأقل هو الأكثر” أو “Less is more” باللغة الإنجليزية. حيث يمكنك التخلّص من الفاعل أو المفعول به في الجملة إن كان كلاهما واضحًا ومفهومًا من السياق. إن سألك أحدهم مثلاً:
هل تناولت العشاء؟
يمكنك عند الإجابة أن تهمل الفاعل “أنا” والمفعول به “العشاء”، وتكتفي بالفعل فقط كما هو موضّح في المثال أدناه:
اقرأ أيضًا:التعلم خلال النوم: حقيقة أم خرافة؟
6- المقاطع الصوتية تلفظ بطريقة واحدة فقط
اللغة اليابانية مكوّنة من مقاطع صوتية يبلغ عددها 45 مقطعًا صوتيًا أساسيًا.
اهدأ! لا تتوتّر…صحيح أن العدد 45 يبدو كبيرًا مقارنة بحروف الأبجدية في اللغة العربية أو اللغات الأوروبية. لكن ضع في حسبانك أنّ كلّ مقطع صوتي في اليابانية يُلفظ بطريقة واحدة فقط. بعكس اللغات الأخرى. فحرف الـ e في اللغة الإنجليزية مثلاً يُلفظ بعدّة طرق كالتالي:
- كلفظ الكسرة في اللغة العربية مثل كلمة empty.
- كلفظ الياء في اللغة العربية مثل كلمة key.
- كلفظ المدّ في اللغة العربية مثل Resumé.
- لا يلفظ (إن كان في نهاية الجملة) مثل كلمة axe.
هل رأيت…قصّة معقدة حقًا!
أمّا في اللغة اليابانية فالأمر أسهل بكثير، اختر أيّ مقطع صوتي أو kana كما يُسمى باليابانية، وضعه في أيّ مكان من الكلمة، سيقى لفظه واحدًا ولن يتغيّر إطلاقًا. فصوت الـ e في اليابانية يُلفظ دومًا كلفظ الكسرة في اللغة العربية ويبقى ثابتًا سواءً جاء في أول الكلمة أو وسطها أو آخرها.
اقرأ أيضًا: كلمات انجليزية شائعة تستخدم بشكل خاطئ
7- اللغة اليابانية تعيد استخدام الكثير من الأحرف
كأيّ مواطن صالح نعلم جميعًا فائدة التدوير وإعادة الاستهلاك! وهو أمر يطبّقه اليابانيون حتى في لغتهم!
بدلاً من اختراع أشكال جديدة للمقاطع الصوتية (الـ kana)، يتمّ استخدام المقاطع الموجودة وإضافة علامات صوتية صغيرة تُسمى “dakuten” للحصول على أصوات جديدة. حيث تشبه هذه العلامات الصوتية في شكلها التنوين في اللغة العربية. لاحظ الفرق الذي تحدثه هذه العلامات على الـ kana:
تخيّل فقط عدد الأحرف التي سيكون عليك تعلّمها لو أنّ أصدقائنا اليابانيين لم يفكّروا في هذه الطريقة ووضعوا شكلاً جديدًا لكلّ مقطع صوتي.
اقرأ أيضًا: كلمات لا يجب ان تستخدمها في الكتابة الاكاديمية
8- اللغة اليابانية ليست لغة صوتية
بعكس اللغات الآسيوية الأخرى كالمنادراين الصينية أو الفيتنامية فاللغة اليابانية ليست لغة صوتية. بمعنى آخر لا تعتمد على نبرة الصوت للتفريق بين معاني الكلمات.
هنالك بعض الكلمات في اللغة اليابانية التي يختلف معناها باختلاف نبرة الصوت المستخدمة، فمثلا كلمة hashi قد تعني واحدًا مما يلي:
- عصيّ الأكل.
- جسر.
- حافة.
لكنك تستطيع فهم المعنى من السياق، لأنك إن كنت في مطعم ستفهم حتما أن hashi هنا تعني عصي الأكل وليس الجسر أو الحافة!
9- لا وجود للأزمنة المتعددة
كما نعلم جميعًا يوجد في اللغة العربية ثلاث أزمنة رئيسية: الماضي والمضارع والأمر. أمّا في اللغة الإنجليزية فهنالك أيضًا ثلاث أزمنة رئيسية: الماضي، المضارع والمستقبل وينقسم كلّ منها إلى أربعة أقسام:
- البسيط Simple Tense.
- المستمر Continuous Tense.
- التام Perfect Tense.
- التام المستمر Perfect Continuous Tense.
لكن الأمر مختلف في اللغة اليابانية، فليس هنالك سوى زمنين فقط: الماضي والمضارع الذي يعبّر أيضًا عن المستقبل.
يمكنك التعبير عن مجموعة واسعة من المواقف كالأمر أو الاحتمالية أو المبني للمجهول من خلال صيغ مناسبة محدّدة في اللغة اليابانية لكنّك لست بحاجة إلاّ إلى هذين الزمنين لفعل ذلك.
اقرأ أيضًا: خطوة بخطوة: كيف أملأ طلب التقديم لمنحة الحكومة اليابانية MEXT ؟
10- الحروف الصينية جاءت لتسهل عليك المهمة وليس لتصعبّها
يُصدم الكثير من متعلّمي اللغة حينما يرون نظام الكتابة في اللغة اليابانية ويُخيّل إليهم أنهم بحاجة لاكتساب مهارات متقدّمة في الرسم حتى يتمكّنوا من كتابة الأحرف اليابانية. لكن ذلك ليس سوى خرافة.
صحيح أنّ اللغة اليابانية تتكوّن من 3 أنظمة للكتابة هي:
- الهيراغانا Hiragana: وتستخدم للمبتدئين ولكتابة الـ Particles
- الكاتاكانا Katakana: وتستخدم لكتابة أيّ كلمات أجنبية دخيلة على اللغة أو مستعارة من لغات أخرى.
- الكانجي Kanji: وهي الأحرف الصينية التي تكون عبارة عن مقاطع صوتية ذات معنى بحدّ ذاتها.
قد تعتقد أنّ الكانجي ما هي إلاّ طريقة لتعقيد الأمور وزيادة صعوبة تعلّم اللغة، بيد أنّ الحقيقة غير ذلك، فحروف الكانجي إن تعلّمتها ستختصر عليك الكثير. ونظرًا لاعتمادها على الذاكرة البصرية، فسوف يصبح بإمكانك توقّع معنى الكلمة بمجرّد رؤية طريقة كتابتها بالكانجي وهو أمر يستحيل عليك القيام به في اللغات الأخرى.
إذن هل ما زلت تعتقد أنّ اللغة اليابانية لغة مريخية يستحيل تعلّمها وإتقانها؟
من المهم أن تدرك في النهاية أنك خلال تعلّمها ستواجه حتمًا بعض المصاعب والعقبات، لكن هذا هو الحال مع أيّ لغة أخرى في العالم، فاللغات الأوروبية أو حتى اللغة العربية لا تخلو من بعض القواعد المعقدّة غير المنطقية بالنسبة للبعض.
الهدف من هذا المقال ليس إثبات أنّ اللغة اليابانية لغة سهلة للغاية بقدر ما يهدف إلى توضيح فكرة أنّها كغيرها من اللغات، فيها جوانب سهلة وأخرى صعبة. ويمكن لأيّ شخصٍ أن يتعلّمها إن امتلك ما يكفي من الشغف والحماس لذلك.
شاركونا آرائكم حول اللغات التي ترغبون في تعلّمها والأسباب التي تدفعكم لذلك. ولا تتردّدوا في التسجيل على موقعنا ليصلكم كلّ جديد.
المصادر: fluentu، fluentin3months.
تعرّف على فرص السفر الى الخارج المتاحة على موقع فرصة
اقرأ أيضًا: دليلك الشامل للدراسة في اليابان!
اقرأ أيضًا: أفضل 7 منح دراسية للطلاب الدوليين في اليابان