ممّا لا شكّ فيه أنّ لغة الجسد الواثقة تسهم بشكل كبير في تغيير نظرة الآخرين إليك، وتساعدك للنجاح في مختلف مناحي الحياة.
لكن، ما هي لغة الجسد التي تعبّر عن الثقة؟ وكيف يمكن تمييزها على لغة الجسد التي توحي بانعدام الثقة بالنفس؟
هل يمكنك تدريب نفسك على إتقان هذه اللغة لتصبح قادرًا على استخدامها لفهم الآخرين، والتحكّم في الصورة التي تقدّمها عن نفسك للغير؟
الإجابة هي: نعم، بكلّ تأكيد!
واصل قراءة المقال لتعرف المزيد عن هذا الأمر!
ما هي لغة الجسد؟
تعبّر لغة الجسد عن شكل من أشكال التواصل غير اللفظي، والتي يمكن أن يقوم بها الفرد عن وعي تامّ أو بشكل لا واعٍ. حيث يتضمّن التواصل غير اللفظي بلغة الجسد واحدًا أو أكثر ممّا يلي:
- حركات الجسد.
- وضعية الجسم في حالة الوقوف أو الجلوس أو غيرها.
- حركات اليدين.
- نبرة الصوت.
- درجة الصوت (مرتفع أو منخفض).
- إيماءات الوجه.
- تعابير الوجه الدقيقة أو الـ Micro-expressions التي تظهر لفترة قصيرة جدًا.
القيمة الحقيقية لإظهار الثقة بالنفس
منذ فجر الزمان وحتى يومنا هذا، كان لإظهار الثقة بالنفس فوائد عديدة. فقد اكتسب الإنسان البدائي القوّة وأمّن بقاءه من خلال الثقة بنفسه أولاً وببقيّة أفراد قبيلته ثانيًا. أمّا اليوم، فإنّ أولئك الذين يُظهرون ثقة عالية بأنفسهم، يُبلون عادة حسنًا في المقابلات الشخصية، ويحصلون على الوظائف والمناصب التي يطمحون إليها في شركاتهم.
عندما تكون واثقًا بنفسك، وتُظهر هذه الثقة أمام الآخرين، فأنت تلهمهم. لغة جسدك الواثقة تجعلك أيضًا قياديًا أفضل، وتزداد احتمالية أن يحترمك الآخرون ويتّبعوك.
معلومة:
أظهرت العديد من الدراسات وجود علاقة بين لغة الجسد وبين مشاعر الإنسان. فعندما نبتسم على سبيل المثال، نميل حينها للشعور بسعادة أكبر (حتى لو كنّا في مزاج سيّء). وينطبق الأمر أيضًا على الثقة بالنفس.
حينما تستخدم لغة جسد واثقة وتتحدّث بأساليب تنمّ عن الثقة، ستبدأ بالشعور حقًا بالثقة بالنفس، حتى وإن كنت تفتقر إليها!
متى يكون إظهار الافتقار إلى الثقة بالنفس أمرًا جيدًا؟
صدّق أو لا تصدّق، في بعض الأوقات والظروف، قد يكون من الأفضل أن تظهر افتقارك للثقة بالنفس!
لكن، عليك أن تتأكّد أوّلاً من أنّك في أحد هذه المواقف فعلاً. على سبيل المثال، في حال كنت ترغب في تعلّم أمر جديد من أحدهم، عليك هنا ألاّ تبالغ في إظهار ثقتك بنفسك. فهذا التصرّف قد يحول دون أن يخبرك هذا الشخص بما تريد معرفته حقًا.
من المواقف الأخرى التي يُفضّل فيها أن تخفي ثقتك الزائدة بنفسك، هي عند إظهار التعاطف مع الآخرين أو مواساتهم.
لا يمكنك في مثل هذه الحالات أن تعرف تمامًا ما يشعر به الآخر وما يمرّ به. وحتى لو كنت تفعل، فإنّ الهدف من وراء التعاطف هو أن تضع نفسك مكان الآخرين… لا يمكنك القيام بذلك إن كنت تركّز فقط على نفسك ومدى ثقتك بذاتك!
اقرأ أيضًا: 8 حقائق مثبتة لقراءة لغة جسد الأشخاص من حولنا
كيف أكتسب لغة الجسد الواثقة؟
الطريقة الأسرع لتحسين لغة جسدك واكتساب مزيد من الثقة بالنفس هي من خلال تعلّم بعض الحيل ومن ثمّ تطبيقها على أرض الواقع بساطة.
إليك فيما يلي مجموعة من هذه الحيل التي تساعدك لتبدو أكثر ثقة بنفسك، من خلال حركات الجسد، نبرة الصوت والسلوك العام:
1- تذكر نجاحاتك السابقة
لعلّك سمعت سابقًا بالعبارة القائلة: “لا تعش في الماضي”. وهي عبارة صحيحة مئة بالمئة… لكن العيش في الماضي واستعادة بعض الذكريات الإيجابية قد يؤثّر على حاضرك بشكل إيجابي أيضًا.
حينما تجد نفسك في موقف تحتاج فيه إلى إظهار الثقة بالنفس، اقضِ بضع لحظات في التفكير في نجاحاتك الماضية.
تذكّر بعض المواقف السابقة التي أظهرت فيها قوّة شخصيّتك وثقتك بنفسك، واستعد في رأسك النتائج الإيجابية التي ترتّبت على تصرّفك هذا.
اقرأ أيضًا: كيف يحافظ الناجحون على هدوئهم عند ارتكاب الأخطاء الجسيمة؟
2- ابتسم
إن كان هناك أمر واحد يتعيّن عليك تغييره وتحسينه في لغة جسدك، فهو ابتسامتك!
عندما تبتسم للآخرين، سيتذكّرونك بشكل أفضل، وسيتقبّلون أفكارك وما لديك لتقوله على نحو أفضل أيضًا.
ليس هذا وحسب، ستبدو في نظرهم أكثر موثوقية وودًّا.
أمّا أفضل ما في الأمر، فهو أنّه في كلّ مرّة تبتسم فيها لأحدهم، فهو على الأرجح سيبتسم لك أيضًا، وهكذا تكون قد حققّت نوعًا من التواصل الإيجابي مع هذا الشخص.
اقرأ أيضًا: خصائص ومهارات الذكاء الاجتماعي
3- أتقن فن المصافحة
أنت إنسان حيّ، ولست شبحًا أو زومبي!
أظهر ذلك خلال مصافحتك للآخرين، وتجنّب المصافحة الضعيفة الميتة، لأنها ستجعلك تبدو مملاً فاقدًا للحماس.
بالمقابل فالمُصافحة القوية (غير المبالغ في قوّتها)، تُظهر الثقة والطاقة. إنّها دليل على أنّك تحترم نفسك وتحترم الآخر أيضًا.
على الرغم من أنّ المصافحة الشديدة قد تُشعر الآخرين بالخوف والرهبة، لكنها حينما تصافح الغير بارتياح وثقة، فأنت تشعرهم بالارتياح وتزيد من رغبتهم في التعامل معك.
4- وضعية الجسم الصحيحة
حينما يكون جسمك في الوضعية الصحيحة، فأنت لن تظهر بمظهر القوّة وحسب، بل ستصبح حقًا أقوى.
هذه القوة الجسدية سرعان ما تتحوّل إلى عقليّة واثقة وحادّة تساعدك على تجاوز المواقف الصعبة والفوز في المفاوضات المُرهقة.
احرص إذن على الوقوف بشكل مستقيم بحيث يكون الكتفان مستقيمان ومُحاذيان للوركين. واحرص على رفع رأسك إلى الأعلى.
اقرأ أيضًا: الكاريزما وقوة الحضور
5- خذ حيزا أكبر
يميل الأشخاص الذين يفتقرون للثقة بالنفس إلى جعل أنفسهم يبدون أصغر حجمًا من خلال وضعيات أجسامهم.
إن كنت ترغب في إظهار المزيد من الثقة بالنفس من خلال وضعية جسدك، فالحيلة الأسهل هي بأخذ حيّز أكبر من حولك!
اسمح لنفسك بأخذ المساحة الكافية التي تُشعرك بالراحة والأمان، سواءً أثناء الجلوس أو الوقوف. ليس عليك أن تقف وأنت تضمّ قدميك ويديك كما لو أنّك مقيّد…استرخِ أكثر، قف وقدماك بعيدتان بعض الشيء عن بعضهما البعض وركّز وزنك بالكامل على الجزء السفلي من جسد.
اقرأ أيضًا: عناصر الكاريزما والجاذبية | القوة والسلطة
6- أخفض صوتك عند الحديث
التحدّث بنبرة منخفضة يجعلك تبدو أقوى وأكثر موثوقية، حيث أنّ نبرة الصوت العالية جدًّا تدلّ في الغالب على الافتقار للثقة والمحاولة البائسة لتعويض هذا النقص بالصوت المرتفع.
حاول أن تعثر على التوازن في نبرة صوتك، بحيث يكون لا يكون منخفضًا للغاية أشبه إلى الهمس، ولا مرتفعًا جدًا ينفّر الآخرين منك.
7- تقنية المرآة
إن رغبت في إظهار ثقتك بنفسك خلال الحوار، فعليك أن تبقى متفاعلاً مع الشخص الذي تتحدّث معه.
الإنصات الحقيقي لما يقوله هذا الشخص وهزّ الرأس دلالة على الموافقة أو الفهم هي بالتأكيد الخطوات الأهمّ لإظهار التفاعل. لكن هناك أيضًا تقنية المرآة التي تعتمد على لغة الجسد.
كلّ ما عليك فعله في هذه الحالة هو تقليد إيماءات وحركات الطرف الآخر. لكن احرص هنا على فعل ذلك بطريقة خفية غير مباشرة. وانتظر لبضع لحظات قبل أن تنسخ هذه الحركات.
8- حافظ على نسبة كافية من التواصل البصري
المحافظة على نسبة كافية من التواصل البصري ليست عملية سهلة. فالكثير منه سيشعر الطرف الآخر بأنه يتعرّض للهجوم وبالتالي سيحسّ بالارتباك والتوتّر. وانعدامه يجعلك تبدو بأنّك غير جدير بالثقة أو شديد الخجل أو معدوم الثقة.
بحسب معايير كلّ من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وأستراليا، فإنّ النسبة الأفضل من التواصل البصري اللازم خلال الحوار هي 50 – 60% من إجمالي وقت المحادثة.
جرّب الحيلة التالية: انظر إلى عيني الشخص المقابل لك لما يكفي من الوقت كي تتعرّف على لون عينيه!
اقرأ أيضًا: مكونات الكاريزما والجاذبية | اللطف والمودة
9- انتبه إلى حركة اليدين
تساعدك حركات اليدين على إيصال المعلومة التي تريدها إلى الآخرين. كما أنّها، وفي حال استخدمت بالشكل الصحيح، ستُظهر مدى ثقتك بنفسك وقوّة شخصيتك. فضلاً عن أنّها تعزّز قدراتك المعرفية وتعبيراتك اللفظية.
إليك بعض النصائح المهمة فيما يتعلّق باستخدام اليدين أثناء الحديث:
ابقَ داخل الصندوق
نعم عليك دومًا أن تفكّر خارج الصندوق، لكن حينما يتعلّق الأمر باستخدام لغة اليدين، فالأفضل أن تبقى داخل الصندوق!
بمعنى آخر، أبقِ حركة يديك ضمن نطاق محدّد، وهو ما بين أسفل الصدر حتى أسفل الخصر كما هو موضّح في الصورة أدناه:
استخدمها باعتدال
من الجيد بالطبع أن تستخدم لغة اليدين، لكن لا تبالغ. احرص على استخدامهما في الوقت المناسب وبنسبة معتدلة.
لا تضمّ يديك إلى صدرك طوال الوقت، ولا تدعهما تتحرّكان في كلّ الاتجاهات على الدوام. بدلاً من ذلك، استخدمهما للتأكيد على نقطة معيّنة، أو لشرح فكرة ما.
انتبه من الاختلافات الثقافية
بعض حركات اليد التي تعتبر عادية في ثقافة ما، قد تكون مسيئة لدى ثقافة أو بلد آخر. لذا إن كنت تتحدّث مع شخص من ثقافة مختلفة عنك، فاحرص على الحذر في استخدام إيماءات اليدين.
استخدم حركات اليدين التي تعبر عن الثقة
فيما يلي اثنتان من أهمّ حركات اليدين التي تعبّر عن الثقة، يمكنك استخدامها خلال حواراتك:
- حركة البرج: وهي حركة بسيطة تتضمّن ضمّ أصابع يديك معًا مع ترك راحة اليدين بعيدتين عن بعضهما البعض. هذه الحركة البسيطة ستجعل الآخرين يتجاوبون معك بشكل أفضل، ويثقون بك أكثر.
- فتح اليدين: ممّا لا شكّ فيه أنّك لا تريد أن تظهر بمظهر من يخفي سرًّا ما عند الحديث مع الآخرين، ولتجنّب ذلك، حاول قدر الإمكان أن تفتح ذراعيك وتُظهر راحة يديك.
اقرأ أيضًا: ما هي مهارات التواصل وكيف يمكنك تطويرها
أمثلة على لغة الجسد غير الواثقة
استخدام لغة الجسد الواثقة أمرٌ رائع بلا شكّ، ولكنها في حال ترافقت مع بعض حركات الجسد غير الواثقة، فقد تربك الآخرين ممّن يتعاملون معك.
لذا، حتى وإن كنت تستخدم الإيماءات والحركات التي تنمّ عن الثقة، لابدّ لك أيضًا من تجنّب لغة الجسد الضعيفة غير الواثقة.
فيما يلي بعض من هذه الإيماءات والحركات التي يتوجّب عليك تجنّبها:
1- الوضعية المترهلة
تجنّب أن تكون في وضعية الترهّل أو التحدّب بأي ثمن. سواءً كنت واقفًا أو جالسًا، احرص على أن تكون وضعيتك مستقيمة لتظهر واثق ومنتبه ومستعدّ على الدوام.
2- التململ
التململ يجعلك تبدو قلقًا ومتوتّرًا. فتجنّب القيام بأيّ من حركات التململ مثل:
- هزّ القدمين أو اليدين باستمرار.
- قضم الأظافر.
- لفّ خصل من الشعر.
- لمس الوجه أو الرقبة باستمرار.
أوّ من الحركات التي تقوم بها لا إراديًا عند الشعور بالقلق. انتبه لهذه التصرّفات وحاول التخلّص منها تدريجيًا.
3- البرود وعدم الاهتمام
يعتقد البعض خطئًا أنّ التظاهر بالبرود وعدم الاهتمام يجعلهم يظهرون أكثر ثقة بالنفس. لكنّ الحقيقة هي أنّك ستواجه وقتًا عصيبًا للغاية في كسب ودّ الآخرين إن لم تتواصل معهم بشكل فعّال وتبدي اهتمامك بما يقولونه ويفعلونه من خلال تقنيات لغة الجسد، كهزّ الرأس أو تقليد حركاتهم أو غيرها.
4- النظر إلى الأسفل
عرفنا سابقًا أنّه عليك الإبقاء على التواصل البصري مع محدّثك لما نسبته 50 – 60% من الوقت. لكن…قد تتساءل الآن:
“وأين أنظر خلال الوقت المتبقي؟”
الجواب، هو أنّه مهما فعلت، فلا تنظر إلى الأسفل، لأن ذلك سيجعلك تبدو معدوم الثقة بل ومحرجًا وخجلاً، وهو ما لا تريده على الأرجح.
بدلاً من ذلك، حاول النظر إلى أحد الجانبين، أو إلى الشخص الذي يقابلك (دون التركيز على عينيه).
5- وضعية الأقدام الخاطئة عند الوقوف
حاول قدر المستطاع أن تحافظ على قدميك متباعدتين قليلاً أثناء الوقوف، لتظهر الثبات والموثوقية والثقة بالنفس.
يمكنك أيضًا أن تضع قدمًا وراء الأخرى، ولكن بشرط ألاّ تضمّ يديك إلى صدرك في الوقت ذاته، لأنّك ستبدو حينها وكأنّك تخفي شيئًا ما. كما أن الوقوف بحيث يكون اتجاه قدميك بعيدًا عن الشخص الذي أمامك، قد يجعله يشعر بعدم الارتياح وبأنك لا ترغب في الحديث معه.
اقرأ أيضًا: خدع وحيل نفسية لتجاوز المواقف المحرجة
6- حركات الجسد المنغلقة
مرّة أخرى، حذاري من ضمّ يديك إلى صدرك. فهذه الحركة هي واحدة من أشهر الأمثلة على لغة الجسد السلبية.
فضلاً عن أنّها تظهر اتخاذكَ لموقفٍ دفاعي وعداوني، فإنّ أيّ شخص يعلم ولو القليل عن لغة الجسد، سيدرك في الحال أنّك لا تعرف شيئًا عنها، ولا تتقن منها شيئًا على الإطلاق.
بعد أن تعرّفت إذن على لغة الجسد الواثقة، حان الوقت الآن لتبدأ بتطبيقها في حياتك. كما يمكنك أيضًا الاستفادة ممّا تعلمته في معرفة ما إذا كان الآخرون يظهرون الثقة بالنفس أم لا.
ومع ذلك، يجدر التنويه إلى أنّه وفي حال كان تقديرك لذاتك متدنيًا، فهذه الطرق والنصائح لن تسهم كثيرًا في رفع ثقتك بنفسك، وعليك في هذه الحالة معالجة المشكلة من جذورها قبل أن تتمكّن من تحقيق الاستفادة التامّة من لغة الجسد الواثقة هذه.
يمكنكم معرفة المزيد عن هذا الأمر من خلال قراءة المقالات التالية:
كما يسعكم أيضًا التسجيل في موقعنا ومتابعة أحدث المقالات الممتعة المفيدة في مختلف مجالات تطوير الذات والمهارات الشخصية والوظيفية.
المصادر: betterhelp، scienceofpeople