هل التربية والقدوات هي فقط من تُشكّل شخصيّاتنا وطباعنا؟ ولماذا قد تختلف طباع الإخوة رغم عيشهم في نفس البيئة؟ للإجابة عن هذا السؤال، يجب أن نعرف في البداية كيف تتكوّن شخصيّة الإنسان. هل كُنت علم من قبل أنّ شخصيّتك قد تتشكّل وتتطوّر دون أي وعي منك بهذا الأمر؟ على سبيل المثال، إذا كُنت مُحاطًا بمجموعة من الأشخاص المجتهدين في عملك وفي بيتك وحتى حين تخرج للتنزّه مع أصدقائك ، فستجد أنّك قد اكتسبت منهم صفة الاجتهاد، والعكس صحيح.
فالأحداث التي تتكرّر كثيرًا تترسّخ في العقل الباطن وتلعب دورًا حاسمًا في تحديد سمات شخصيتنا. وبينما يمر الإنسان بمراحل حياته، يتجلّى تكوين الشخصيّة كنتاج لتلك التفاعلات، سواءً كانت مُدرَكة أم غير مُدرَكة.
اقرأ أيضًا: بودكاست عربي: أن تجد شغفك بعد الدراسة
في هذا البودكاست، يُناقش المُتحدِّث ما يُعرف بأثر التعرُّض البسيط، وهو تحيُّز معرفي يشير إلى ظاهرة تفاعُل الأشخاص بشكلٍ أكثر إيجابيّة مع الأشياء كُلّما تعرضوا لها أكثر. ويُوضِّح المُتحدِّث أنّ الناس عادةً ما يكونون حذرين من الأشياء الجديدة لأنها قد تسبِّب لهم الضرر، ولكن بمُجرَّد أن يحاولوا فهم شيء جديد ويتبيّن أنّه آمن، يبدأ خوفهم في التبدُّد. وهذا بدوره يؤدي إلى تكوين انطباع إيجابي، حتى لو لم يكن الموضوع جيدًا بالضرورة.
علاوةً على ذلك، فهناك نظريّة تُعرف باسم نظريّة عدم اليقين، والتي تُشير إلى أنّ البشر بشكلٍ عام يشعرون بالضجر من الأشياء الجديدة لأنها قد تسبب لهم الضرر، ولكن بُمجرّد أن نصبح أكثر دراية بشيء ما، فإننا نسترخي حين نعلم أنَّه لا يُشكِّل تهديدًا.
اقرأ أيضًا: بودكاست مهارة صناعة المال | كيفية كسب المال
بعد ذلك، يُناقش المُتحدِّث الظاهرة المعروفة باسم “تأثير التعرُّض البسيط” وكيف يُمكن أن تؤثِّر على تصوُّراتنا ومواقفنا تجاه الأشخاص والأشياء. على سبيل المثال، فإنّ رؤية صورة شخصٍ ما بشكلٍ مُتكرِّر يُمكن أن تؤدي إلى انطباع أكثر إيجابيّة عنه، حتى لو لم نكن على علمٍ بطباعه. ففي دراسة تم إجراؤها في الولايات المُتحدة، تبيّن أنّ هناك علاقة قويّة بين شعبيّة الرؤساء وعدد مرّات ظهور صورهم في الصحف، وذلك بسبب تأثير التعرُّض فقط بعيدًا عن مدى كفاءتهم.
ويتطرّق المُتحدّث بعد ذلك إلى نظرية الطلاقة الإدراكيّة، والتي يُمكن وصفها بأنّها السهولة التي تُعالج بها أدمغتنا المعلومات. عندما نتعرّض لشيء ما بشكلٍ مُتكرِّر، فإنّ ذلك يُساعدنا على فهمه وتفسيره بسهولة. ولهذه النظرية آثار على الثقافة الشعبيّة، حيث إنّ المُحتوى المكتوب باللغة الإنجليزية يكتسب شعبيّة وثقة أكثر من المحتوى المكتوب بالعربيّة بغض النظر عن موضوعه أو مدى دقّته، بسبب التعوّد على استخدام اللغة الإنجليزيّة في العلوم المُختلفة.
اقرأ أيضًا: كيف تقوم بعمل البودكاست الخاص بك
وفي عالمٍ نتعرّض فيه باستمرار لكميّة هائلة من المحتوى، يُمكننا بسهولة استهلاكه دون وعي ودون تفكير نقدي. وينتج عن هذا ما يُعرف ب”التلقي الكسول” للمعلومات وهو الأمر الذي له تأثير عميق على أدمغتنا وأرواحنا دون النظر إلى عواقبها.
وينتقل المُتحدِّث بعد ذلك إلى تأثير التعرُّض البسيط والمُتكرر على حياتنا، فلا شكّ أنّ مواجهة محتوى أو مُحفِّزات مُعيّنة بشكلٍ مُنتظم سيؤدي إلى التعوُّد على هذا المحتوى ثم التعامل معه بعد ذلك على أنّه أمرٌ مُسلّم به. كمثالٍ على ذلك، قد يصل بعض الأشخاص إلى حالة من التطبيع مع المُحتوى المٌضلِّل على وسائل الإعلام ووسائل التواصل أو المُحتوى العنيف في الأفلام نتيجة التعرُّض المُتكرِّر والمُستمر لهذا المُحتوى. لذلك، من الحكمة أن نستغل قوّة وتأثير التعرُّض البسيط لتعريض أنفسنا لأشياء مُبهجة ومُثمرة، حتى تترك أثرًا إيجابيًا علينا.
اقرأ أيضًا: مهارة إدارة الوقت | بودكاست مهارات
وللتأكيد على قوّة تأثير التعرّض البسيط، يُقدِّم المُتحدث أمثلة مُختلفة لتوضيح هذا المفهوم، مثل كيف يُمكن أن يؤدي التعرُّض للكلمات المرتبطة بالشيخوخة إلى إبطاء سلوك المشي، أو كيف يُمكن أن يؤدي التعرُّض المُتكرِّر لصور الأقليَّات العرقية الأخرى إلى تقليل العنصريّة. ويُؤكِّد المُتحدِّث على أهميّة الوعي بالمُحفِّزات التي نمتَصَّها في العالم الحقيقي والرقمي والتحكُّم في كل ما نراه ونسمعه. لذلك، يجب أن نقوم بتنقية المُحتوى الذي تتلقّاه عقولنا باستمرار، حتى نتمكّن من حمايتها بالشكل المطلوب، وحماية النفس من الاعتياد على الأفكار السيئة.
اقرأ أيضًا: بودكاست عربي| كيف أصل للذكاء العاطفي
ابدأ بتعلم البودكاست من خلال مقالاتنا المميَّزة، كما سنُقدِّم لك شروحات لـ فيديوهات بودكاست بالعربي. تعلّم البودكاست الآن