تختلف ردود أفعال الأشخاص من حولنا باختلاف سماتهم التي تشكّل شخصيتهم، حيث تعتبر سمات الشخصية الخمسة الرئيسية أو ما يعرف باللغة الإنجليزية بالـ Big Five إحدى أهمّ نظريات علم النفس المتعلقة بالنفس البشرية.
بحسب هذه النظرية، يوجد خمسة عناصر أساسية تعمل مجتمعة على تشكيل شخصية الفرد، ويمكن تلخيصها كالآتي:
- الاتزان العاطفي أو الـ Emotional stability
- الرحابة أو الـ Openness
- الإلتزام أو Conscientiousness
- الاجتماع أو الـ Extraversion
- الودّ أو الـ Agreeableness
سنتعرّف في مقال اليوم على سمة الودّ أو القبول، ونتطرّق للحديث عن أهم الطرق التي تجعلك أكثر ودًّا ولطفًا في تعاملك مع الآخرين.
ما هي سمة الودّ؟
الودّ والقبول، أو الـ Agreeableness هي إحدى سمات الشخصية الخمسة الرئيسية، وتعبّر عن مدى لباقة الشخص ولطفه في التعامل مع الغير. حيث يعتبر يتمتّع الأفراد الودودون في معظم الأحيان بنظرة إيجابية للإنسان والطبيعة من حولهم، وهم قادرون على التواصل مع الآخرين بسهولة. أمّا الأشخاص الذين لا يمتلكون مستويات عالية من الودّ والقبول، فهم في الغالب غير متعاونين، يميلون للنأي بأنفسهم عن الآخرين، ويضعون اهتمامتهم الشخصية قبل كلّ شيء.
ترتبط سمة الودّ بعدد من المشاعر والصفات الإيجابية الأخرى التي تظهر جلية على الأشخاص الودودين، تتمثّل فيما يلي:
- الثقة.
- الحسّ العالي بالأخلاق.
- الإيثار.
- التعاون.
- التواضع.
- التعاطف.
ما هي علامات الودّ والقبول؟
- هل تملك دائرة واسعة من الأصدقاء والمعارف؟
- هل تعتبر نفسك شخصًا سعيدًا في معظم الأحيان؟
- هل تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للتعرّف على الناس والبقاء على اتصال دائم معهم؟
- هل أنت من أولئك الذين يرتكبون الكثير من الأخطاء ولكن بحسن نيّة؟
إن كانت إجابتك عن الأسئلة السابقة بـ “نعم”، فأنت على الأرجح، شخص يتمتّع بدرجة عالية من الودّ والقبول بين أصدقائك وزملائك. فالأشخاص الودودون يجذبون إليهم الكثير من الأصدقاء والعلاقات الطيبة، ويميلون في معظم الأحيان إلى خوض التجارب الممتعة ممّا يجعلهم سعداء ومتفائلين. ليس هذا وحسب، بل إنهم من القلّة الذين يحسنون استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فيجعلونها وسيلة لهم كي يتعرّفوا على أصدقاء جدد وليس مكانًا للشكوى وتفريغ طاقاتهم السلبية وأفكارهم المتشائمة. إنهم أصحاب نية حسنة بشكل عام الأمر الذي يضعهم في الكثير من المواقف المحرجة نظرًا لأنهم لا يحسنون التصرّف في الكثير من الأحيان ويرتكبون الأخطاء دون قصد، إلاّ أنهم يبادرون بالاعتذار في الحال عمّا بدر منهم.
كيف تتمتّع بقدر أكبر من القبول والودّ؟
شخصية الفرد ليست ثابتة، والسمات الشخصية الخمسة تتغيّر وتتباين مع مرور الوقت وباختلاف الظروف والمواقف التي يتعرّض لها الشخص. لذا، إن كنت تعتقد أنّك شخص يفتقر إلى الودّ، أو تجد صعوبة في بناء صداقات جديدة مع الآخرين، فلا تبتئس أو تحزن، يمكنك مع قليل من التمرين، ومن خلال اتباع النصائح العملية التالية أن تصبح أكثر ودًّا ولطفًا مع مرور الوقت.
1- تقبل أنّك لست الوحيد الذي يعيش على كوكب الأرض
يمكنك السير في الشارع عابسًا منغلقًا على نفسك، كما يسعُك أيضًا أن تكون شخصًا متفائلاً تتقبّل وجود آخرين على الكوكب. الخيار الثاني سيجعلك تبدو أكثر ودًّا بلا شك. إن كنت ترغب في الحصول على قبول حسن من الآخر، لابدّ لك من تقبّلهم أولاً. لا يحتاج منك الأمر للكثير من الجهد، ما عليك سوى أن ترسم الابتسامة على وجهك أثناء السير في الشارع، وإن التقت عيناك بعيني أحد المارّة، فلا تتردّد في جعل الابتسامة أكبر قليلاً! هذا كلّ ما في الأمر، لا تحتاج لأكثر من ابتسامة صادقة لتصبح أكثر ودًّا في نظر الغرباء.
2- كن أنت من يبدأ الحوار
الحديث مع الآخرين والاعتياد على البدء بالحوار، أصعب من الابتسام بلا شكّ، لكنه ليس مستحيلاً. ليس من الضروري أن تنخرط في حوار عميق حول نشأة الكون وخفايا النفس البشرية، أو عن تاريخ السياسة، فمجرّد إلقاء التحية على أحدهم وسؤاله عن اسمه، أو الإدلاء بتعليق عن الطقس يكفي للبدء بحوار قد ينتهي بصداقة جديدة. لا تنتظر أن يتحدّث أحدهم إليك وكن أنت من يبدأ الحوار، سيجعلك ذلك أكثر ثقة بنفسك وأكثر ودًّا في نظر الآخرين.
3- لا تصدّ الآخرين
صدّ الآخرين هو نقيض الودّ واللطف. ويظهر الصدّ في تجاهل الآخرين، أو الردّ عليهم بكلمة واحدة أو باختصار شديد، أو العبوس وجههم أثناء تحدّثهم إليك.
في حال بادر أحدهم بالتحدّث إليك، ابذل جهدك لتقدّم له شيئًا بالمقابل، انظرإلى عينيه أثناء تحدّثه معك، ابتسم في وجهه، وحاول أن تردّ عليه بجمل كاملة وطويلة نوعًا ما، بدلاً من الاكتفاء بالردود المقتضبة الجامدة.
4- انتبه إلى لغة جسدك
قد تكون أكثر الأشخاص ودًّا ولطفًا، غير أنّ استخدام لغة الجسد بشكل خاطئ يجعل الناس من حولك يعتقدون العكس. انتبه دومًا لما تقوم به من إيماءات وحركات، وركّز على ما توصله للآخرين من مشاعر عن طريق لغة جسدك، التزم بالنصائح التالية فيما يتعلّق بلغة الجسد:
- بدلاً من ضمّ يديك إلى صدرك، ابسطهما في استرخاء.
- لا تهزّ قدميك باستمرار حينما يتحدّث إليك أحدهم، فتلك إشارة على شعورك بالملل وعدم اهتمامك بما يقول.
- أظهر اهتمامًا بما يقوله الطرف الآخر من خلال الانحناء نحوه قليلاً أثناء حديثه.
- قلّد لغة الجسد التي يستخدمها الطرف الآخر ولكن باعتدال، فمثلا إن كان أحدهم يخبرك بقصّة ما، ووضع قدمًا فوق الآخرى أثناء كلامه، انتظر حتى ينهي جملته، ثم قدّم له ردّك، وفي أثناء ذلك ضع أنت أيضًا قدمًا فوق الأخرى. بهذه الطريقة، فأنت قد قلّدته ولكن بشكل عفوي وغير ملحوظ، والأمر ينطبق على مختلف الإيماءات الأخرى.
5- قم بدعوة الآخرين للتنزّه من وقت لآخر
بدلاً من انتظار أن يأتي أحدهم إليك ويدعوك لاحتساء فنجان من القهوة معًا، كن أنت المبادر، فالجميع يرحّب بهذه اللفتة اللطيفة وحتى إن اعتذر عن الحضور فهو سيقدّر لك هذه المبادرة. لذا اجعل من دعوة الآخرين للتنزّه أو القيام بالأنشطة المختلفة عادة لك على الدوام.
6- اجعل الآخرين يشعرون بالراحة
لنفترض أنّ شخصًا جديدًا انضمّ إلى مجموعة أصدقائك. تذكّر دومًا أنّه قد استجمع الكثير من الشجاعة قبل أن يوافق على مرافقة هذه المجموعة التي قد لا يعرف معظم أفرادها. وبناءً على ذلك، حاول أن تجعله يشعر بالارتياح قدر الإمكان، يمكنك على سبيل المثال القيام بما يلي:
- اسأله عن اهتماماته وهواياته، حاول التعرّف عليه بشكل أفضل.
- في حال التطرق إلى أحاديث حصلت في لقاءات سابقة، أعطه فكرة عن سياق الحديث حتى لا يشعر أنّه مستبعد من الحوار.
- في حال كان هذا الشخص أجنبيًا لا يفهم لغتك، حاول التحدّث بلغة يفهمها وترجم له الكلمات والجمل التي قد تكون عصيّة عليه.
- تجنّب التهامس مع بقيّة أفراد المجموعة حتى لو كان الموضوع غير متعلّق بهذا الشخص، فهو سيبدو كذلك على أيّة حال.
7- امدح الآخرين بصدق
لعلّ المديح الصادق الحقيقي هو ألطف شيء تقدّمه لأحدهم. ذلك لأنه يظهر مدى تقديرك لهم وأنّك أنفقت من وقتك لتلحظ التفاصيل الصغيرة حولهم. إنّه يخلق لدى الآخرين مشاعر جيدة، ومن ثمّ سيربطون هذه المشاعر بك. لذا لا تتردّد في إخبار أحدهم بما يعجبك فيهم، كن صادقًا وابتعد عن المجاملة المبالغ فيها والتملّق.
8- تجنّب إطلاق الأحكام على الآخرين
فكّر في الأمر، لو شعرت بأن صديقك سيبادر بإطلاق الأحكام عليك إذا أخبرته بما تشعر به حيال أمر معيّن، فأنت على الأرجح ستتراجع عن قرارك في إخباره. ولن تفكّر فيه على أنّه شخص ودود.
إن أردت أن تنال قبولاً أكبر من الآخرين، تجنّب إطلاق الأحكام عليهم، أنصت إلى مشكلاتهم دون تحيّز واتخذ موقفًا محايدًا. فذلك وحده كافٍ.
9- تذكّر أسماء الأشخاص
ألا تشعر بالعجب والسعادة إن تذكّر أحدهم اسمك أو اسم فرد من عائلتك على الرغم من أنّك لا تعرفه معرفة عميقة؟ إنّها صفة يتميّز بها الأشخاص الودودون في الغالب، فهم يبذلون جهدًا لتذكّر أسماء الآخرين بل ولاستخدامها كلّما أتيحت لهم الفرصة لذلك. هذا التصرّف البسيط يجعلهم أقرب إلى القلب، ويبدون في نظر الآخرين أكثر لطفًا وانفتاحًا عليهم.
لذا احرص في المرّة المقبلة التي تقابل فيها شخصًا لأول مرة على أن تعرف اسمه وتتذكّره، وحاول مناداته باسمه أكثر من مرّة خلال تحاوركما. سيدهشك الأثر الذي يحدثه هذا التصرّف البسيط في علاقاتك مع الآخرين.
ما هي برأيكم الأمور الأخرى التي يمكن أن تجعلكم أكثر ودًّا وقبولاً لدى الآخرين؟ شاركونا أفكاركم وتعليقاتكم، ولا تنسوا التسجيل في موقعنا ليصلكم كلّ جديد كما يمكنكم أيضًا قراءة مقالنا حول سمة أخرى من سمات الشخصية الخمسة الرئيسية، ألا وهي الاتزان العاطفي، ولمعرفة المزيد عن أنفسكم، لا تترددوا في تجربة اختبار الشخصية على موقع فرصة.
المصادر: bustle، verywellfamily، bustle.com، romper
اقرأ أيضًا: مكونات الكاريزما والجاذبية | اللطف والمودة
اقرأ أيضًا: ما هي المهارات القيادية وكيف أطورها؟