لا شك أننا جميعًا نعاني من إحدى العادات السيئة ونرغب بشدة في التخلص منها، ونُقدِم لأنفسنا كل ليلةٍ وعودًا بالتخلص منها، ونحدّث أنفسنا بحماس: “سأذهب إلى الفراش مبكرًا، سأقضي وقتًا أقل على وسائل التواصل الاجتماعي، سأتوقف عن تناول الطعام غير الصحي…..”
ويأتي الغد دون أن نستيقظ باكرًا، ودون أن نتناول طعامًا صحيًا، وحتمًا دون أن نقضي وقتًا أقلّ على منصات التواصل الاجتماعي، بل ربما نقوم بالعكس تمامًا خلال هذا اليوم…
ومع نهاية النهار، نشعر بالهزيمة والذنب لأننا فشلنا -مرة أخرى- في تغيير أنفسنا وما زلنا لا نستطيع المقاومة أمام هذه العادة. وتستمرّ الحلقة المفرغة إلى ما لا نهاية…
اكتسب عادات جديدة واكسر عادتك القديمة السيئة من خلال دورات مميزة في مجال تطوير الذات. سجل في الدورات الآن
تؤثِر العادات السيئة سلبيًا على حياتك، وتضيِع وقتك وطاقتك، وتمنعك من تحقيق أهدافك، وقد تُعرِض صحتك للخطر سواءً نفيسًا أو جسديًا. فلماذا إذن نستمرّ في القيام بها؟ والأهم من ذلك، هل هناك أي شيء يمكننا القيام به للتخلّص منها حقًا؟
دعونا نكتشف الإجابة في مقال اليوم!
ما أسباب العادات السيئة؟
نعاني جميعًا من هذه الدورة المُتكررة من تقديم الوعود مع النفس للتخلُص من العادات السيئة ثم الشعور بالعجز التام عن تحقيق ذلك. لكن هل تعلم أنّ هناك تفسيرًا علميًا لهذه الظاهرة؟
يعود الفضل في الواقع لعلم النفس الذي ساعدنا على فهم هذه خفايا وأسباب عدم القدرة على التغلّب على العادات السيئة بسهولة. كلمة السر هنا هي رفض الدماغ البشري للتغييرات.
لا يقبل الدماغ البشري التغييرات بسهولة، ويحتاج إلى بعض تقنيَات وأساليب تعديل السلوك الفعَالة من أجل استيعاب هذه التغييرات. ولكن قبل التَطَرُق لهذه الأساليب، من المفيد فهم ما يحدُث في أدمغتنا أثناء البدء في عملية تغيير العادات.
العادات الجيدة أو السيئة ما هي إلا إجراءات روتينية بالنسبة للمخ، والروتين – مثل إعداد الفطور أو القيادة إلى العمل – ما هو إلا أمور نفعلها بتلقائية لجعل حياتنا أسهل. وبذلك فإن الدماغ لا يتعين عليه أن يُفكِر كثيرًا، وإنما يلتزم فقط بالروتين المُعتاد.
لسوء الحظ، فإن العادات السيئة هي أيضًا عبارة عن أمور روتينية بالنسبة للدماغ، ولذلك عندما نحاول كسر هذه العادات، فإننا نخلق نوعًا من التنافُر، والدماغ البشري لا يُحب ذلك. عندما نحاول القيام بأي تغيير أو التخلُص من أي سلوك أو عادة، يقوم الجهاز النطاقي/الحُوفِي في الدماغ بتنشيط استجابات “القتال أو الهروب أو الجمود” وكردّ فعل يلجأ المُخ إلى تجنُب هذا التهديد والعودة إلى السلوك القديم، على الرغم من أننا نعلم أنه ليس جيدًا بالنسبة لنا.
على الرغم من ضررها، لا تزال العادات السيئة تُعطينا شعورًا بالرضا والسعادة، لأن الدماغ يفرز مادة الدوبامين عند القيام بها. وعليه، فإنَ أي محاولة لتغيير هذه العادات ستؤدي بدورها إلى نوع من الخلل والاضطراب، وستخلق حالةً من عدم الاستقرار بالنسبة للمخ، لذلك نستمر في العودة في كل مرة.
اقرأ أيضًا: 10 خطابات تحفيزية تدفعك قدما إلى الأمام
كيفية التخلص من العادات السيئة
تتفاوت العادات السيئة في درجة ضررها، فقد تكون بسيطة كالتأخر في النوم مثلاً، وربّما تصل إلى مستويات خطرة، كالإدمان على الألعاب الإلكترونية أو العادات المرتبطة بإيذاء النفس…الخ
من الأكيد أن كسر العادات -سواءً كانت جيدة أم سيئة- ليس بالأمر السهل، خاصةً إذا كانت هذه العادات مُمتعة. ولكن من خلال اتِباع بعض الأساليب والمداومة عليها لأيام أو أسابيع أو شهور، سيمكنك حتمًا التخلص من العادات السيئة.
فيما يلي بعض الأفكار والاستراتيجيَات المُقترحة لكسر عاداتك السيئة والتخلُص منها نهائيًا.
1- اختر بديلًا عن عاداتك السيئة
يجب أن يكون لديك خطة مُسبقَة لكيفية استجابتك عندما تواجه الضغط أو الملل الذي ستتعرض له عند التخلٌص من عادتك السيئة. ماذا ستفعل عندما تشعر بالرغبة في التدخين؟ كيف ستقضي وقتك وتستمرّ في حياتك الاجتماعية عندما تتوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؟ ما هو الطعام الصِحي البديل الذي ستبدأ في تناوله بعد التوقُف عن تناول الوجبات السريعة.
أيًا كانت العادات السيئة التي تحاول التخلص منها، فأنت بحاجة إلى خطة بديلة لما ستفعله بدلًا منها.
اقرأ أيضًا: 11 عادة صحية يقوم بها الأشخاص المبدعين صباحاً!
2- تجنَب المحفِزات التي تُذكِرك بالعادات السيئة
إذا كنت تحاول التخلُص من التدخين، فلا تجلس في أماكن بها مُدخنون. إذا كنت تحاول تقليل وقت مشاهدة التلفاز، وكنت مُعتادًا على التقاط جهاز التحكم مباشرةً بمجرد الجلوس على الأريكة، قم بإخفاء جهاز التحكم في مكان بعيد أو غُرفة مختلفة.
بمعنى آخر، سهّل على نفسيك عملية التخلص من العادات السيئة عن طريق تجنب الأشياء التي تسببها. ذلك أنّ بيئتك في كثير من الأحيان تكون معزّزة ومشجّعة لممارسة عادة سيئة ما، ممّا يعيقك عن التخلص منها.
غيّر عاداتك السيئة بتغيير البيئة من حولك.
3- شارك رحلة التغيير مع الآخرين
كم مرة حاولت اتِباع نظام غذائي بمفردك وفشلت في المحافظة عليه؟ كم مرة قررت وضع جدول زمني صارم للمذاكرة أو أداء الأعمال بمفردك لكنك عجزت على المداومة عليه؟ بهذه الطريقة لن يراك أحد وأنت تفشل، أليس كذلك؟
بدلاً من ذلك، اقترن بشخص ما وابدأوا في التخلُص من العادات السيئة معًا، بذلك يمكن أن يحاسب كل منكما الآخر كما يمكنكما الاحتفال بانتصاراتكما معًا. من المؤَكد أنَ إدراك أن شخصًا آخر يتوقع منك أن تكون أفضل وسيعاتبك على فشلك هو حافز قوي للتغيير.
اقرأ أيضًا: لا تسمح لأحد أن يخبرك بأنك لا تستطيع!
4- أحط نفسك بأشخاص يعيشون بالطريقة التي تُريدها
لست بحاجة للتخلي عن أصدقائك القُدامى، لكن لا تقلل من أهمية العثور على أصدقاء جُدد يمارسون نفس العادات التي ترغب في اكتسابها. اقضِ وقتًا أكثر مع هؤلاء الأشخاص ومارس معهم بعض الأنشطة الاجتماعية وتحديدًا الأنشطة التي تشتمل على العادات المطلوبة. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في ممارسة الرياضة بانتظام، فلم لا تتعرَف على أصدقاء جُدُد في صالة الألعاب الرياضية وتتفق معهم على التمرُن معًا في نفس التوقيت يوميًا؟
5- تخيل نفسك بعد تحقيق الهدف المطلوب
تخيَل نفسك على مدار اليوم وأنت تتخلص من السجائر أو تشتري طعامًا صحيًا أو تستيقظ مبكرًا. قد يبدو الأمر مضيعةً للوقت لأنه لا يشمل أي خطوات فعليَة للتخلُص من العادة، لكن في حقيقة الأمر فإن التخيُل يُعتبر من أقوى الأسلحة التي يمكنها التلاعب بعقلك وإعادة برمجته كما تشاء.
مهما كانت العادة السيئة متأصلَة في روتينك اليومي، تخيل نفسك وأنت تكسرها وتستمتع بنجاحك. انظر إلى نفسك وأنت تبني عادةً جديدة، ومع الوقت سيبدأ عقلك بالاستجابة لهذا التخيُل وتدخل العادة الجديدة حيز التنفيذ.
6- عُد إلى شخصيتك القديمة
غالبًا ما نعتقد أنه لكسر العادات السيئة، فإنّنا نحتاج إلى أن نُصبح شخصًا جديدًا تمامًا. الحقيقة هي أنك تملك بداخلك بالفعل كل ما هو مطلوب لتكون شخصًا جديدًا ذا عادات إيجابية. أنت لم تولد بهذه العادة السيئة، بل اكتسبتها بتأثير البيئة المُحيطة بك، وفي الغالب من غير المحتمل أن تستمر هذه العادة السيئة معك طوال حياتك.
بمعنى آخر، لا تنظر إلى نفسك على أنك شخص يحاول الإقلاع عن التدخين، ما عليك سوى العودة إلى كونك شخص غير مدخن تمامًا مثلما كُنت من قبل. لست بحاجة إلى التحول إلى شخص آخر، ما عليك سوى العودة إلى ما كنت عليه. حتى لو كان ذلك منذ سنوات، فقد عشت بالفعل فترةً طويلة بدون هذه العادة السيئة، مما يعني أنه يمكنك بالتأكيد تكرار هذه الفترة مرةً أخرى.
اقرأ أيضًا: ما هي مهارات التفاؤل وكيف تتقنها؟
7- استخدم كلمة “لكن” للتغلب على الحديث الذاتي السلبي
من أصعب المعيقات التي تواجهك عند محاربة العادات السيئة تلك المرتبطة بالحديث الذاتي السلبي بأنك لن تستطيع المُضي قُدمًا والتخلص منها. لذلك، في كل مرة تخطئ فيها أو تعود للعادة السيئة من جديد، عليك أن تخبر نفسك بمدى قوتك.
في كلّ مرّة تتعثّر فيها أثناء رحلتك للتخلُص من العادات السيئة، وتجد الأفكار السلبية المُحبطة قد بدأت تدور في ذهنك، أنهِ الجملة بـ “لكن”، متبوعة بجملة أكثر إيجابية.
على سبيل المثال “أنا سمين وذو لياقة بدنية سيئة، لكن يمكنني أن أكون في حالة جيدة بعد بضعة أشهر من الآن.”
8- ضع خُطة في حالة الفشل
عندما تفشل أو تتخلى عن التمرين أو تأكل أطعمة غير صحيَة أو تعاود التدخين، فهذا لا يجعلك شخصًا سيئًا، بل يجعلك بشرًا، فكُلنا نخطئ بين الحين والآخر.
لذا، بدلًا من أن تعاتب نفسك بسبب الخروج عن المسار الصحيح، ضع خطة مُسبقة للعودة إليه مرةً أخرى في حالة التعثُر. لقد خرجنا جميعًا عن المسار الصحيح في فترةً ما، وما يميز أصحاب الأداء الأفضل عن الآخرين هو أنهم يعودون إلى المسار الصحيح بسرعة كبيرة.
اقرأ أيضًا: تعرف على عادات النجاح للأشخاص الأكثر ثراءً
9- التحلِي بالمثابرة
التزم بالتخلي عن عادتك على المدى الطويل وتوقع بعض العثرات، حيث إنها طبيعية تمامًا عند محاولة تغيير السلوك. بدلاً من استخدام هذه النكسات كذريعة للتخلي، انظر إليها كفرصة لفهم الخطأ الذي حدث وكيفية القيام بالأشياء بشكل مختلف في المستقبل.
10- كافئ نفسك
استغل قوة التعزيز النفسي الإيجابي لتقديم الدعم لنفسك والبناء على مكاسبك. كافئ نفسك بين الحين والآخر بعد إجراء عدة تغييرات صغيرة للتخلص من عادتك. استخدم المال أو الوقت أو الطاقة التي وفرتها من الانسحاب من عادتك السيئة لشراء أو القيام بشيء لطيف لنفسك. ستلهمك هذه المكافآت المُنتظمة وتشجعك على مواصلة رحلتك.
11- ابقِ الدافع أمام عينيك
حتى تتمكن من كسر عادة سيئة بنجاح، من المهم تحديد سبب رغبتك في التغيير. اكتب أسبابك. ما هي إيجابيات التغيير؟ ما هي سلبيات استمرار هذه العادة؟ احتفظ بهذه القائمة معك طوال الوقت في حال احتجت إلى إلقاء نظرة عليها من أجل الحصول على التحفيز.
اقرأ أيضًا: كيف احقق اهدافي: 5 خطوات لفعل ذلك
كيف ابدأ بكسر العادات السيئة؟
إذا كنت تبحث عن الخطوة الأولى لكسر إحدى العادات السيئة، فأول ما عليك فعله هو الاقتناع الداخلي بضرورة التخلُص من هذه العادة والتحلِي بالحافز وراء ذلك. من السهل أن تنشغل بما تشعر به حيال عاداتك السيئة أو أن تجعل نفسك تشعر بالذنب أو تقضي وقتًا طويلًا في تخيُل حياتك المثالية بدون هذه العادة … ولكن هذه الأفكار تأخذك بعيدًا عما يحدث بالفعل.
يجب عليك أن تعلم جيدًا أثناء محاولتك للتغيير أنه ستكون هناك عقبات ونكسات، وهي جزء أساسي من عملية التغيير الدائم. المشكلة هي أننا أسوأ منتقدين لأنفسنا، وبعض الناس يترجمون عدم النجاح الكامل على أنه فشل كامل.
بدلاً من جلد الذات المُستمر، فإن الوعي بطبيعة المُشكلة هو الذي سيُظهر لك كيفية إجراء التغيير بالفعل. ولذلك، عليك أن تُجيب أولًا على هذه الأسئلة:
-
متى تحدث عادتك السيئة بالفعل؟
-
كم مرة تفعل عاداتك السيئة كل يوم؟
-
أين أنت من مراحل إدمان هذه العادة؟
-
من هم الأشخاص الذين يتواجدون معك عند ممارسة عادة سيئة؟
-
ما الذي يحفِز هذه العادة ويدفعك إلى ممارستها؟
إن مجرد الإجابة على هذه الأسئلة سيجعلك أكثر وعيًا بالعادات السيئة ويمنحك عشرات الأفكار للتخلُص منها.
إليك طريقة بسيطة للبدء: ما عليك سوى تتبُع عدد المرات التي تقوم فيها بعادتك السيئة. ضع ورقةً وقلمًا في جيبك، وفي كل مرة تمارس فيها هذه العادة، ضع علامة عليها على ورقتك. في نهاية اليوم، قُم بِعَدِ كل العلامات وانظر ما هو المجموع.
تذكَر أن هدفك في البداية ليس الحُكم على نفسك أو الشعور بالذنب حيال القيام بشيء غير صحي. الهدف الوحيد هو أن تكون على دراية بوقت حدوثه وعدد مرات حدوثه. عليك أولًا أن تدرك مدى حجم المشكلة، بعد ذلك يمكنك البدء في تنفيذ الأفكار الواردة في هذه المقالة وكسر عادتك السيئة.
يستغرق التخلص من العادات السيئة وقتًا طويلًا قد يصل إلى شهور، ولذلك فإنَه يتطلب في الغالب مثابرةً وجهدًا. إذا سألت الأشخاص الذين نجحوا بالفعل في كسر عاداتهم السيئة، ستجد أنهم حاولوا وفشلوا عدة مرات قبل أن ينجحوا في ذلك. قد لا تحقق النجاح على الفور، لكن هذا لا يعني أنه لا يمكنك تحقيقه على الإطلاق.
اقرأ المزيد من المقالات المميزة والممتعة في مجال التحفيز وتطوير الذات. تصفّح المقالات
لا شك أن كل شخص منا لديه عاداته الخاصَة، بعضها قد يكونُ مفيدًا والبعض الآخر سيءٌ ومؤذي. من المؤكد أن التخلُص من العادات غير المرغوب فيها قد لا يكون بالأمر الهين، خاصةً إذا كنتَ مُنخرطًا في هذه العادات لفترة طويلة، ولكن من خلال اتباع الأساليب المذكورة في هذا المقال، ستتمكن من كسر عاداتك السيئة تمامًا.
قد تجد صعوبةً في بداية الأمر، ولكن بمرور الوقت ستثبت عاداتك الجديدة في حياتك اليومية، ثم بعد فترة وجيزة، ستبدأ بالشعور أن هذه العادات الجديدة طبيعيَة تمامًا مثل عاداتك القديمة.
إذا كانت لديك تجارب سابقة في كيفية التخلص من عادةٍ سيئة كنت تعاني منها، فشاركنا بها في التعليقات لتكون حافزًا لغيرك، ولا تنسَ كذلك الاشتراك في موقع فرصة ليصلك كل جديد وممتع من مقالاتنا المُفيدة.
المصادر: jamesclear، health.harvard
اقرأ أيضًا: كيف تحافظ على تركيزك وتتخلص من الملهيات؟
اقرأ أيضًا: أفضل كتب التنمية البشرية وتطوير الذات