يُعتبر الحوار مع الآخرين مفتاحًا لتنمية العلاقات الجيدة سواءً في العمل أو الجامعة أو المنزل. في الواقع، يُعتبر إتقان الحوار مع الآخرين فنًا حقيقيًا، لا سيما عندما يتضمن التحدث إلى أشخاص مختلفين في مجموعات اجتماعية وبيئات مختلفة. إذا كنت ترغب في تحسين علاقاتك الشخصيَة أو المهنيَة مع الآخرين، فإن إتقان فن الحوار يجب أن يكون أهم أولويَاتك.
تعرف على فن المناظرة وأساسياته وعلى نموذج البرلمان البريطاني في المناظرة وطور من مهاراتك في هذا المجال. سجل الآن
ما هو فن الحوار؟
لا شك أننا قد التقينا جميعًا بأشخاص لديهم موهبة كبيرة في إدارة الحديث مع الآخرين بسهولة ومرونة تامَة وتمنينا أن نتمتع بنفس مهاراتهم في الحديث. في الواقع، أن تكون متواصلًا جيدًا وقادرًا على إدارة الحوار بشكل سلس للوصول إلى أهداف مُعيَنة بل وجعل الآخرين ينصتون إلى حديثك هي بلا شك واحدة من أفضل المهارات التي يتمنى أي شخص أن يحظى بها.
الحوار هو شكل من أشكال الاتِصال، وقد يكون عفويًا أو رسميًا حسب الغرض منه. عادةً ما ندخل المُحادثات حتى نحظى بالمشاركة الممتعة مع الآخرين أو بهدف مقابلة أشخاص جُدُد أو معرفة المزيد من المعلومات أو الاستمتاع بالتفاعلات الاجتماعية. لذلك، فإن إتقان فن الحوار هو أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى حياة مُزدهرة وناجحة، حيث أثبتت العديد من الأبحاث الاجتماعية أن الأشخاص المُتميزين في فن الحوار هم أكثر الأشخاص نجاحًا سواءً على المستوى الشخصي أو المهني.
اقرأ أيضًا: مهارات يجب عليك اكتسابها: إدارة الوقت وترتيب الأولويات
فن الحوار الناجح
تُعتبر إدارة الحوار مهارة اجتماعية أساسية، لكن هل تعلم أنه يمكن اعتباره أيضًا فنًا؟ يدور فن الحوار حول تجاوز التواصل الجيد والوصول إلى مستوى الإتقان. إنَ إتقان فن الحوار لا يعني فقط أنك أصبحت جيدًا في تحقيق أهدافك من خلال الحديث، ولكن أيضًا أصبحت مُمتعًا بشكل ملحوظ ويخلو حديثك من أي ملل أو تكرار.
يمكنك أن تصل إلى درجة عالية جدًا في فن الحوار لدرجة أن الناس سيخبرونك أنهم قضوا وقتًا ممتعًا في التحدث إليك، حتى لو كان الحوار مهنيًا، فسيخبرونك أنَه كان حوارًا مُثمرًا وبنَاءً. فكيف تنجح في الوصول إلى هذه المرتبة العالية من فنّ الحوار؟
اقرأ أيضًا: الدليل الشامل لفن المناظرة
كيف أتقن فنّ الحوار؟
في حين أن هناك من وُلِدوا بهذه الموهبة (الحوار المتقن الناجح)، قد يحتاج البعض إلى التمرّن والتدريب لتطويرها، وهو أمرٌ ليس بالمستحيل، بل يمكنك اكتساب هذه المهارة خلال وقت قصير إن التزمت بالنصائح التالية:
1. انتقِ كلامك جيدًا
ليس المقصود بانتقاء الكلام هنا تجَنُب أي كلمات بذيئة، حيث لا يتعلق الأمر بذلك على الإطلاق، بل يتعلق بتنقيح الأفكار التي تنقلها. إنَ تنقيح الأفكار التي تتحدث عنها يعني التخلُص من التفاصيل الزائدة وغير المرغوب فيها. وبذلك، عندما تعبِر عن نفسك أو تشرح وجهة نظرك أو تدخل في نقاش أو حتى تحكي قصة، شارك التفاصيل المُهمَة فقط وتجنب إطالة الحديث بالجمل التي لا طائل منها.
تُعتبر هذه النصيحة مُهمة جدًا وخصوصًا إذا كنت تتحدث ضمن مجموعة، حيث أنّ وقتك محدود للتعبير عن أفكارك. لذا فاختيار كلماتك بعناية سيحدث فرقًا كبيرًا في كيفية إدراكك ومدى تأثيرك على الآخرين، حيث أنّك ستكون بهذه الطريقة أقلّ تشتيتًا لهم لأنك تعبّر فقط عمّا هو ضروري.
يحصل الأشخاص بهذه الطريقة على مزيد من الوقت والطاقة لمعالجة أفكارك والنظر فيها، بدلاً من إهدار تلك الطاقة في تنقيح جميع التفاصيل غير الضرورية.
كما نلاحظ جميعًا، يمكن للأشخاص الأذكياء والناجحين قول الكثير من الأشياء في فترة زمنية أقصر، لأنهم ببساطة قاموا باختصار الطريقة التي يشاركون بها أفكارهم.
بمجرد أن تبدأ في القيام بذلك، ستتمكن من التواصل مع المزيد من الأشخاص بشكل أسرع، وستبدأ أيضًا في إجراء محادثات أكثر إرضاءً وإنتاجية، وستجد في النهاية أنك أصبحت مُتقِنًا لفن الحوار.
2. افترض أنَك لا تفهم الشخص الآخر
من أفضل الأساليب لإجراء حوار بنَاء وإيجابي هو السعي الدائم لفهم الشخص الآخر ومعرفة ما يدور برأسه. من الجيد أن تطرح الأسئلة وأن تُعيد صياغتها ثم تُخبر الأشخاص الذين تُحدثهم بشيء مُتعلِق بما قالوه، حتى تتمكن من إثبات أنك قد وعَيت ما قالوه.
إليك حيلة بسيطة تساعدك على الوصول إلى مستوى متقدم من فنّ الحوار…
افترض أنك لا تفهم ما يقوله المُتحدِث بشكل كامل! تخيّل أن ما يخبرك به هذا الشخص لُغز تحتاج إلى فكّ رموزه. كن فضوليًا (ولكن دون أن تكون مزعجًا) ومُنفتح الذهن وركّز على التفاصيل…
عندما تعتقد دومًا بأنّك تفهم وتعرف ما يتحدّث عنه الآخرون، ستُفلت منك تفاصيل أحاديثهم، سترى فقط ما على السطح، دون أن تُتاح لك الفُرصة للتواصل معهم على مستوى أعمق واكتشاف جوانب رائعة من شخصياتهم.
عندما تفترض أنَك لا تفهم ما يقوله الآخرون، فإنَك تجبر عقلك على العثور على الكنوز المخفية في كلامهم، قد يتمثَل ذلك في تفاصيل رائعة حول قصة يحكيها المُتحدث أو أفكار مُتميزة أو حلول لمشكلة أو أي شيء يشاركه الطرف الآخر في حديثه معك.
اقرأ أيضًا: مهارات إدارة الغضب
3. لا تكن رسميًا بشكل مُبالغ فيه
عندما يتواصل الناس اجتماعيًا، فإن أفضل شيء يقومون به لإذابة الجليد فيما بينهم هو أن يكونوا أقل رسمية وأن يكونوا على طبيعتهم قدر المُستطاع. لذا فإن الدرس هنا هو أن تكون أقل رسميةً، مع الحفاظ على اللباقة والمهنية عندما تحتاج إلى ذلك.
حاول أن تظهر من وقت لآخر، أنه يمكنك أن تكون رسميًا إذا شئت وبذلك تعطي انطباعًا للغير أنّك تمتلك هذا الجانب في شخصيَتك ويمكنك استخدامه وقتما تشاء، عندما تستدعي المواقف ذلك.
يتمثَل تأثير هذه الخطوة البسيطة في جعل الناس يشعرون بالارتياح تجاهك ومن ثمَ سيكون من السهل عليك إدارة الحوار وإقناعهم بأي شيٍ تُريده أو إيصال أي فكرة ترغب في توضيحها، وفي نفس الوقت سيحفظون لك قَدرك لأنهم يدركون أنك تعرف كيف تتعامل بشكل رسمي في المواقف التي يكون فيها ذلك ضروريًا.
باختصار، من الرائع أن تكون مرحًا ووبسيطًا في التعامل حتى يتخلى الناس عن حذرهم أثناء الاستماع إليك، ولكن من المهم أيضًا أن تتصرف بالطريقة الجادة عندما يكون ذلك مطلوبًا. يمكنك تطبيق هذه النصيحة من وقت لآخر، وسيكون لها تأثير طويل المدى على سمعتك بين زملاء العمل والأصدقاء وعلى قدرتك على إتقان فن الحوار.
4. إضفاء الحماس إلى الحوار
إذا كنت ترغب في إتقان فن الحوار، فأنت بحاجة إلى إظهار الحماس بشأن هذا الحوار حتى في حالة عدم وجود سبب واضح للشعور بذلك.
وقد يتبادر إلى ذهنك سؤال “الحماس بشأن ماذا؟”، والإجابة على هذا السؤال هي أنه لا يشترط أن تتحمس لشيء معين بل يتعلق الأمر كله بالحوار نفسه. أظهر بعض الشغف والطاقة والاهتمام في حديثك وستجد كيف أن الحوار يسير بشكل جيد ومُثمر. عندما تبدأ في التحدث إلى شخص ما، فأنت بحاجة إلى إظهار المزيد من التفاؤل.
هذا سيُحدث فرقًا كبيرًا في كيفية فهمك للآخرين وكيفية فهم الآخرين لك. الأشخاص ذوو مهارات الحوار المُتوسطة ليسوا سبَاقين ولا يتحملون المسؤولية وغير قادرين على إضفاء روح للحوار. إذا كان هناك شيء يثير حماستهم، فسيكونون مُتحمِسين، وإذا كان الحوار يسير بشكل مُمِل، فإنهم يشعرون بالملل ويتصرفون وفقًا لذلك. وعليه، لا تكن أنت رد الفعل، بل كُن استباقيًا وتحمَل مسؤولية قيادة الحوار واجلب الحماس والتفاؤل إلى الحوار لجعلِه مُمتعًا ومُثمرًا.
اقرأ أيضًا: تعرف على مهارة التفتح الذهني وكيفية اكتسابها
5. تمرَن على الحوار مُسبقًا
ربما انبهرت من قبل ببعض الأشخاص المَهرة في الحديث وفن الحوار، وتَعجَبت من طلاقتهم في الكلام ومهارتهم في إدارة الحوار، وكيف أنّهم يعرفون دومًا كيف يقولون الشيء المناسب في الوقت المناسب.
ما قد لا تعرفه هو أن معظم تلك الأشياء التي تسمعها من هؤلاء الأشخاص سبق أن قالوها للآخرين عشرات المرَات من قبل. لا شك أنهم قد تعرضوا لبعض المحاولات الفاشلة حتى وصلوا إلى هذه المرحلة من الإتقان، ويمكنهم الآن التحدث والمُضي قُدمًا في الحوار بمنتهى السهولة. بمعنى آخر، لقد مارسوا هذه الأساليب مع العديد من الأشخاص حتى أتقنوها تمامًا.
لذلك، إذا كنت ترغب في إتقان فن الحوار، فعليك أن تدرك أنه لا بأس بالتمرُن حتى تصل إلى المستوى المطلوب. عندما تخطر لك فكرة مُعيَنة، تخيَل بسرعة كيف يمكنك إخبار الآخرين بها. تدرَب في عقلك كيف يمكنك أن تقولها للآخرين بطريقة مُقنعة وتسمح للآخرين بالاستمتاع بها كما تفعل أنت.
ما عليك أن تدركه هو أن عقلك ينظم الأفكار بطريقة تختلف تمامًا عن الطريقة التي يجب أن تعبر بها عن تلك الأفكار للآخرين. بطريقةٍ ما، تحتاج إلى ترجمة الفكرة في عقلك إلى الفكرة التي سيسمعها الآخرين، وهذا قطعًا لا يأتي إلا بالتدريب.
على سبيل المثال، في المرة القادمة التي تسمع فيها فكرة رائعة من بودكاست أو فيلم وثائقي، تخيل نفسك تخبر الآخرين بها. حتى إذا قمت بذلك لمجرد التسلية، فسوف تقطع شوطًا طويلاً في إعداد نفسك للتعبير عن أفكارك بمرونة تامَة وإدارة الحوار مع الآخرين بشكل فعَال.
6. أكد على نقاط التشابه بينك وبين الآخرين
هناك طبيعة بشرية أثبتتها وأكدَت عليها مئات الأبحاث في علم النفس، وهي أننا نحب الأشخاص الذين يشبهوننا. بكل طريقة يمكن تصورها تقريبًا، من طبيعة الأفكار التي يتم التناقش حولها إلى اختيار الكلمات، فإن التأكيد على التشابه يحسِن العلاقات الاجتماعية.
عندما طُلب من مندوبي المبيعات تقليد لغة جسد المستمعين، نادرًا ما لاحظ المستمعون ذلك لكن المبيعات زادت بنسبة 20٪.
في تجربة تم إجراؤها على مجموعة من العملاء، أظهر فريق من مندوبي المبيعات بعض الأفكار الشخصية التي تتفق مع أفكار العملاء أثناء الترويج لمنتجاتهم، في حين اكتفى فريق آخر بالترويج لنفس المنتجات فقط دون التطرق لأي موضوعات جانبية. رحَب العملاء بالفريق الأول وصنفهم على أنهم أكثر وديةً بالإضافة إلى كونهم أكثر إثارةً للاهتمام وصدقًا وإقناعًا، وبالتالي حصل الفريق الأول على نسبة أكبر من الاهتمام بمنتجاتهم.
اختصارًا، إذا أردت أن تدير حوارًا ناجحًا فإن أفضل ما يمكنك القيام به هو إظهار نقاط التشابه بينك وبين المُستمع.
اقرأ أيضًا: كيف أطور مهاراتي التحليلية؟
7. إضفاء بعض الفكاهة إلى حديثك
جزء من فن الحوار هو القدرة على نزع فتيل التوتر، وجعل الأمور أقل جدية دون التقليل من أهمية الحوار، فقط المتحدثون الكبار يعرفون كيفية القيام بذلك. يُعتبر هذا الأمر أكثر أهميةً مما يعتقده الناس. لن يقلل إظهار بعض الفكاهة في الحوار من هيبتك، بل على العكس سيدُل على أنك أجريت العديد من المحادثات الشيقة والممتعة ولديك مهارات اجتماعية جيدة، وسيساهم بشكل أكبر على إذابة الجليد بينك وبين الشخص الذي تحاوره.
8. استمع بتركيز وبدون مقاطعة
بينما قد تسعى جاهدًا لتحقيق الغرض الرئيسي من الحوار الذي تُجريه، تأكد من إجراء حوار ثنائي الاتِجاه وإعطاء الآخر فرصة للحديث. امنح الشخص الذي تتحدث معه وقتًا للردّ وطرح أي أسئلة قد تكون لديه، وأظهر اهتمامًا بما يقوله. على سبيل المثال، يمكنك استخدام عبارات مثل: “جيد”، “نعم، أفهم”، “هذا صحيح”، “أرى ذلك”، “هل يمكنك إخباري بالمزيد عن ذلك؟”، وما إلى ذلك.
وتذكّر دائمًا: حتى تجري حوارًا ناجحًا، استمع لكي تفهم وليس لكي تردّ!
هنالك فرق كبير بين الحالتين…
اقرأ أيضًا: ما هي مهارات الاستماع وكيف تطورها؟
كتاب فن الحوار
النقاط السابقة ستضعك على بداية الطريق الذي يساعدك لإجراء حوارات ناجحة متقنة، لكن…هنالك دومًا مجال للتطوّر أكثر، وهو ما سيساعدك على تحقيقه كتاب “فن الحوار” للكاتب روزالي ماجيو.
سيُظهر لك كتاب “فن الحوار” كيفية التحدث بمهارة مع الأشخاص الآخرين خطوة بخطوة، سواءً في المنزل أو في العمل، على الهاتف أو في الشارع. بعد قراءة هذا الكتاب، ستتمكّن من:
-
التغلُب على أكثر العوائق شيوعًا لإجراء حوار جيد، بالإضافة إلى التعرُف على كيفية كسر حاجز الصمت واستمرار الحوار.
-
التعرُف على أنواع الحوار المختلفة وكيفية عملها، وما هي الموضوعات واللغة المناسبة لكل نوع.
-
الإلمام بطرق بسيطة لتوصيل كلامك، بما في ذلك التحدُث بوضوح وبصوت مسموع، والاستماع جيدًا واستخدام التواصل غير اللفظي.
-
التعرُف على كيفية إجراء محادثة في المواقف الصعبة، بما في ذلك كيفية إدارة الاختلاف، وكيفية التحدُث إلى من هم في السلطة أو الأشخاص الذين تجد صعوبة في الحديث معهم.
-
كيفية تسخير الحوار لتكوين العلاقات، وإجراء الصفقات، والدردشة مع الناس، والتعلُم والتأثير والإقناع.
تصفّح عشرات المقالات المميزة في مجال التحفيز وتطوير الذات على فرصة.كوم. تصفح جميع المقالات
يمكن أن يكلفك حوار سيئ واحد الكثير في حياتك المهنيَة أو الشخصية، وعلى العكس يمكن أن يلعب الحوار الجيد دورًا هامًا في الارتقاء بحياتك وتحقيق فرص مميزة لك. لذا من المهم السعي إلى تطوير مهارات الحوار والنقاش لديك، والعمل على تعزيزها على الدوام.
النصائح السابقة ستساعدك بلا شكّ في هذا الأمر، وكذلك كتاب فن الحوار، كما يمكنك أيضًا الالتحاق بالدورات والكورسات على الإنترنت المتخصصة في هذا المجال.
ما هي برأيك الطرق الأخرى التي قد تسهم في إتقان فن المحادثة والحوار؟ شاركنا إياها من خلال التعليقات، ولا تتردّد في التسجيل على موقعنا ليصلك كلّ جديد من المقالات والفرص المميزة.
المصادر: getthefriendsyouwant، bakadesuyo، goodreads
اقرأ أيضًا: كل ما تحتاج معرفته عن مهارات التفاوض Negotiation Skills
اقرأ أيضًا: ما هي مهارات التواصل وكيف يمكنك تطويرها؟